تفسير سورتي الفيل وقريش

  • 1996-07-19

تفسير سورتي الفيل وقريش

الحمد لله ربِّ العالمين، وأفضل وأعطرُ التحيات التسليمات والصلوات الصَّلاة على سيِّدنا مُحمَّدٍ خاتَم النبيين والمرسلين وعلي أبيه سيِّدنا إبراهيم، وعلى أخوَيه سيِّدَينا موسى وعيسى، وعلى جميع إخوانه مِنَ النبيين والمُرسلين وآلِ كلٍّ وصحْبِ كلٍّ أجمعين، وبعد:

تذكير بتفسير سورتي الهمزة والعصر:
فقد مرَّ معكُم في الجمعة الماضية تفسير سورة الهمزة وقبلها سورة العصر، يا تُرى هل حفِظْتُم هاتين السورتين عِلماً وعملاً وسُلوكاً وأخلاقاً؟

إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3)
[سورة العصر]

(إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ) لكي لا يقع في قلب الإنسان شيءٌ مِنْ أمور الدنيا، تبني البيت وتتزوج والأولاد والأموال والعلوم والشهادات فلما يأتي الموت تُجرَّدُ منها كلَّها لا يبقى نِعَم، (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا) إلا الإيمان الذي هو في الأخلاق عفَّةٌ عن المطامِع والمحارم، ولكن الإيمان ما وقَرَ في القلب وصدَّقَهُ العمل، لا يستكْمِلُ العبد الإيمان حتَّى يكون الله ورسوله أحبَّ إليه مِنْ سِواهما:

{ ثلاثٌ مَن كُنَّ فيهِ وجدَ بِهِنَّ طعمَ الإيمانِ، مَن كانَ اللَّهُ ورسولُهُ أحبَّ إليهِ مِمَّا سواهُما، وأن يُحبَّ المرءَ لا يحبُّهُ إلَّا لله، وأن يَكْرَهَ أن يعودَ في الكفرِ بعدَ إذ أنقذَهُ اللَّهُ منهُ كما يَكْرَهُ أن يُقذَفَ في النَّارِ(1) }

[صحيح البخاري]

وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ (1)
[سورة الهمزة]

الذين يذكرون عيوب النَّاس ونقائِصَهُم وأبلَغُ منهم الذين يأفِكُون، ينسِبُون النقائص للناس وهي ليست بهم، يقول لك: سمعت أنهم قالوا هكذا:

إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ ۚ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم ۖ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۚ لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُم مَّا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ ۚ وَالَّذِي تَوَلَّىٰ كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ (11)
[سورة النور]

(إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ) الكذب والبُهتان (عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ)، كأنَّ هذه الأخلاق هي رِبْحٌ للدار الآخرة التي صار تُجارها قلائلٌ جداً (إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ) على الطاعات وعن المعاصي وعلى الذِّكر وفِعل الخير، (وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ) يكون دائماً مُناصراً للحقِّ ويُوصي النَّاس بالحقّ، ويحذِّرُهُم مِنَ الباطل، هذه السورة إذا لم تتمثَّل فينا أخلاقاً وسلوكاً ومدى الحياة فنحن لم نتعلَّم القرآن، تعلمنا أن ننطِقَ بكلماتٍ وحروفٍ للعمل بها فلا فهِمناها ولا عمِلنا بها فلا تكون إلا حجةً علينا يوم القيامة أمام الله عزَّ وجلَّ.
والسُّورة الثانية (وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ) الذين يذكُرون عيوب النَّاس في حضورهم أو غيابهم، ما معنى ويلٌ؟ الخسارة والنَّدامة والعذاب لمن يتناول بلِسانه عيوبَ النَّاس إذا كانت لهم عيوب، وإذا كانوا بُرءآء مِنَ العيوب صاروا أفَّاكين وأهل البُهْت خصوصاً مَنْ يقول هذا ما سمِعْتَه:

لَّوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَٰذَا إِفْكٌ مُّبِينٌ (12)
[سورة النور]

(لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ) لما أُشيعت الفاحشة على سيدتنا عائشة رضي الله عنها واتُّهِمت بعِرضها وهي زوجة النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم، تناقل ضُعفاء الإيمان والمنافقون الخبر وقالوا هكذا سمعنا وهكذا قِيل، فقال الله:

وَلَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ قُلْتُم مَّا يَكُونُ لَنَا أَن نَّتَكَلَّمَ بِهَٰذَا سُبْحَانَكَ هَٰذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ (16)
[سورة النور]

زوجة أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه لما شاع الخبر قالت له: أنهم هكذا يقولون عن عائشة رضي الله عنها، فقال لها: أنتِ أفضل أم عائشة؟ أنا أفضل أم النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم؟ فقالت له: لا، قال: هل ترضِيْنَه لنفسك، قالت لا، قال: هل تظُنِّين أن زوجة رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم تلوِّثُ نفسها بهذا اللَّوثة؟ أأنا خيرٌ أم رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم؟ فإذا لم تكوني أفضل مِنْ عائشة فهل يختار الله لرسوله امرأةً خبيثةً غير طاهرة؟ هذا بالعقل والمنطِق.

انتشار الهمز واللمز في المجتمع:
فكم سَرى الهَمْزُ واللمْزُ بين المجتمع كطبيعة، وخصوصاً إذا كانا في حق أهل الدين، يترنَّمون بها ترنُّماً مثل الذي يأكل القتَّة بأولها، يقرُطها وهو فرح، أو كالذي يشرب النرجيلة وله ميلٌ نحوها، سمعتم الشَّيخ تزوَّج بمَنْ عُمرها خمس عشرة سنة، إذا خمس عشرة أو خمسون فما شأنك؟ أنجبت ثلاثة أولاد، فهل أنت مدير النفوس لتُسجِّل؟

{ مِن حُسنِ إسلامِ المرءِ ترْكُهُ مالا يَعنيهِ (2) }

[سورة المؤمنون]

وصَفَ الله المؤمنين:

وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (3)
[سورة المؤمنون]

اللغو هو الكلام الذي لا ينفعُك ولا يضرُّك، أما إذا كان هناك تنقيصٌ أو تشهيرٌ أو ذمٌّ أو قدحٌ فهذا يخرب بيتك، وهذه غيبةٌ أو نميمةٌ أو إلى آخره.. والله يقول: (وَيْلٌ) الهلاك والدمار والخسارة والندم (لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ)، هل حفِظتم الهُمَزة واللُّمَزة؟ يعني الذي كان همَّازاً لـمَّازاً عاهد نفسه أن يُعقِّم هذه الجرثومة في نفسه ولِسانه.

المال وديعة متروكة:
ثم:

الَّذِي جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُ (2) يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ (3)
[سورة الهمزة]

(الَّذِي جَمَعَ مَالًا وَعَدَّدَهُ) عقلُه وربُّه وإلهه وعِشقه بالمال، (يَحْسَبُ أَنَّ مَالَهُ أَخْلَدَهُ) ينظر للمال ولأي نعمةٍ أنها عاريَّة:
ومَا المالُ والأهْلُونَ إلاَّ وَديعَة ٌ وَلابُدَّ يَوْماً أنْ تُرَدَّ الوَدائِـــعُ
{ لبيد بن ربيعة العامري }
إذا ملَكْتَ ففكِّر يوم يُنزَعُ مِنْكَ مالُك، بنيتَ بناءً سوف يأتي يومٌ تخرج منه، ومزرعةٌ كم ملَكَها مِنْ قبلِك ومن سيملُكُها مِنْ بعدك:

كَلَّا ۖ لَيُنبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ (4)
[سورة الهمزة]

(كَلَّا) لا المال يخلُد فأنت مسافرٌ إلى عالم الخلود، تهيَّأ واِبْنِ هناك، إذا بنيتَ هنا فلا مانع، أما البناء الذي لا تُخرج منه ولا تُنزَعُ ملكيتك عنه هو الدار الآخرة.
قال: (كَلَّا) يعني ارتدِعْ عن هذه الأخلاق واتركها، (لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ) مثل بصقة الإنسان والنواة عندما يأكل التمرة وينبِذُها، قال هكذا سيُلقى في جهنم كما تُلقى النفايات:

وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ (5) نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ (6) الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ (7) إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ (8) فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ (9)
[سورة الهمزة]

مؤصَدَةٌ يعني مُغلقةٌ لا يخرجون منها أبداً ويُوضع على الأبواب مثل هذه العواميد كالقفل، أو هم يُعذَّبُون في جهنم هناك عواميدٌ مثل التي للفيجة فهذه أو تلك، نسأل الله العافية.
هل حفِظتم السوتين؟ هل حُفِظتا في أذهانكم وسُلوككم وأخلاقكم لتكونوا ممن تعلَّم القرآن؟

{ خيرُكُم مَن تعلَّمَ القرآنَ وعلَّمَهُ (3) }

[صحيح البخاري]

هل علَّمتمُوها لأهلِيكم في مجالِسِكم وسهراتِكم مع أصدقائكم؟ هكذا طلب العِلم فريضة والتعلُّم مِنَ العالِم فريضة:

{ أشدُّ النَّاسِ عذابًا يومَ القيامةِ عالمٌ لم ينفعْهُ علمُهُ (4) }

[شعب الإيمان للبيهقيُّ]

لم ينتفِع مِنْ عِلمه.. جعلنا الله مِنَ العُلماء المُعلِّمين والعامِلين والمُخلِصين.

سورة الفيل:
الآن أنتم في سورة الفيل، بعد بسم الله الرحمن الرحيم:

أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ (1) أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ (2) وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ (3) تَرْمِيهِم بِحِجَارَةٍ مِّن سِجِّيلٍ (4) فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍ (5)
[سورة الفيل]

فالقرآن ليس لأحكامه التجويديَّة النُّطقيَّة واللَّفظيَّة، القرآن كتابُ عِلمٍ لنتعلَّم العلوم لننتفِع بها، إذا تعلَّمت الطب لماذا تتعلَّمُه؟ لتُعالج المرضى، إذا تعلَّمت الحلاقة لتفتح دكاناً وتُزيل الشَّعر عن النَّاس، وإذا تعلَّمت الكوي لتكوي ثيابهم وهكذا.. أيضاً القرآن فإذا تعلَّمت القرآن تتعلَّم عُلومه وفرائضه وأخلاقياته وأوامِره ونواهيه ووصاياه ثم تقوم (وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ) هنالك هنيئاً لك، مَنْ تعلَّم القرآن وعلَّمه هو الأجود ويُحشَرُ يوم القيامة أمةً وحده.

وُلِدَ صلَّى الله عليه وسلَّم في عام الفيل:
فنحن في سورة الفيل، هذه السورة ترمِزُ لقصةٍ حصَلَت في العام الذي وُلِدَ فيه رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، العرب اتخذوا هذه الحادثة تاريخاً للمسألة الفلانية، فيقولون مثلاً: بعد عامٍ من عام الفيل، أو خمسة سنوات، فولادة النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم كانت في عام الفيل، فالقصة التي رَمَزَت لها السورة هي أن اليمن كانت محتلَّةً مِنْ قبل الحبشة، الأحباش الأفارقة كانوا يحتلُّون البلاد العربية الجنوبية، ولما أُهلِك الأحباش احتلَّهم الفُرس، وبلاد العرب الشمالية احتلَّها الرومان، فمَنْ حرَّرَ العرب مِنَ السودان والأحباش والفرس والرومان؟ مَنْ جعل لهم دولةً وقد كانوا قبائل متناحرةً متقاتلة؟ مَنْ فَرَضَ عليهم العِلم حتَّى صاروا علماء حكماء كادوا من فقههم أن يكونوا أنبياء؟ نبيُّ الإسلام صلَّى الله عليه وسلَّم.
وهذا الإسلام الآن معقُوق، المسلم عاقٌّ لإسلامه وتعلُّمه ومُعلِّمه وزاهدٌ في كنوزه، يقرأ المجلات للفَهْم والعِلم، والصحف والإعلانات كذلك، فهل يُقرأ القرآن على هذا المستوى؟ إذا قرأ أحدٌ خبراً فسأله آخر: ماذا كُتِبَ في الجريدة؟ يشرح له عن فهمٍ، إذا قرأ سورة الفيل اسأله ماذا يوجد في السورة وماذا فهِمْتَ وماذا استفدت؟ سورة الهُمَزة ماذا استفدت وفهِمْتَ وماذا فهَّمت؟ سورة العصر ماذا فهِمْتَ وفهَّمت وعلَّمت؟ هذا ليس مؤمناً بالقرآن، هذا ببغاءٌ أو شريط تسجيلٍ ينطِقُ ولا يفهَم ولا يعمل ولا ينتفِع.

غيرة الأحباش على دينهم:
فالأحباش وهم في اليمن غاروا مِنَ الكعبة، كيف يقصِدُها النَّاس وكنائسهم لا تُقصّد وكانوا نصارى، فأمر ببناء كنيسةٍ ضخمةٍ عظيمةٍ بالرخام وزيَّنها بكلِّ أنواع الزِّينة والنُّقوش وكذا.. ليجذِبَ العرب إليها بدلاً مِنَ الكعبة، فلما أكمل بناءها وبالذهب والفضة والرخام وكلُّ أنواع الزِّينة دخلها أحد الأعراب في الليل وقضى حاجته فيها، نكايةً بالأحباش، تريد أن تصُدَّنا عن الكعبة التي بناها إبراهيم عليه السَّلام؟ خُذ.. وفي روايةٍ أخرى أُحرِقَت بعد ذلك مِنْ قِبل الأعراب، كانوا عُبَّادَ أصنامٍ ويغارون على دينهم ويُقاومون عدوَّه، كثيرٌ مِنَ المسلمين مع الأسف لا يغارُ على دينه إذا أُهمل وانتُقِصَ وعابَهُ عائب، كل هذا سببه ضعف الإيمان وعدم وجود المُعلِّم المُربِّي.

غضب أبرهة من أهل مكة:
فلمَّا غَضِبَ أبرَهَة الذي كان ملك اليمن مِنْ قبل الحبشة وحَلَفَ ليهدمَنَّ الكعبة حجراً حجراً، وجهَّز الجيش وقدَّم أمامه فيلاً أو عِدَّة أفيال، حتَّى صاروا قريبين مِنَ الكعبة، وجيشه صار ينهَبُ ما يجد أمامه، وكان مِنْ جملة ما نَهَب مئتا جملٍ لعبد المطلب جدِّ النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم، وأهل مكة تركوها خوفاً مِنْ تعدِّي الجيش وصَعَدوا جبالها، فعبد المطلب أتى لقائد الجيش لما دخل عليه قيل له: هذا سيّدُ قريشٍ وعظيمُهُم وكذا، فاحترمه وكانت عليه أيضاً بركات النبوَّة التي ستخرج مِنْ صُلبه، فلما جلس قال له: جيشك أخذ جِمالي، فقال له: لمَّا دخلتَ عليَّ هِبْتُكَ وعظِمْتَ في نفسي، فالآن تأتي مِنْ أجل جِمالك وليس لأجل الكعبة؟ فقال له: أنا ربُّ الجِمال، أي صاحِبُها ومالِكها، للبيت ربٌّ سوف يحميه، قال له: ما كان ليحميَه مِنِّي، قال له: أنت الذي تريده عنده، فصَعَدوا كلُّهم الجبال لينظُروا كيف سيهدِمُ الكعبة، وذهب عبد المطلب إلى الكعبة وأمسك حَلقة بابِها وأنشَد:
اللهم إن العبدَ يمنع رحله فامنع رحالكْ وانصر على آل الصليب وعابديه اليوم آلك لا يغلبنَّ صليبهم ومحالهم أبدًا محالــــك يا حيُّ يا قيومُ أنتَ الله تفعلُ ما بدا لــــكْ
{ }
(لا يغلبنَّ صليبهم ومحالهم أبدًا محالـك) هل تُهزَمُ أمامهم وهم يتغلَّبون عليك؟ هذا لا يحدث.
وترَك الكعبة وصَعَد جبل أبي قبيس لينظُر ماذا سيفعلون، وإذا بالأمر كما قال الله تعالى: (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ) فلما أرادوا أن يسحَبوه إلى مكة ليهدِمُوا الكعبة فنَغَزُوا فيلهم ليقوم فأتى بعض قريشٍ ووضع فَمَهُ في أذن الفيل وكان مُسمَّى بمحمود، قال له: يا محمود، أنت في حرم الله وبيته، فإياك وإياه، قوَّموه فلم يقُم، نَغَزُوه بالرِّماح فما قام، وجَّهُوه لجهةٍ غير مكة فقام، باتجاه الشام واليمن فقام، أما باتجاه مكة! فسبحان الله!

إرسال الطير الأبابيل:
وفيما هُم كذلك كما قال الله تعالى: (وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ) وأبابيل تعني الجماعات، طيورٌ على جماعات، يعني رفوفٌ مِنَ الطيور، (تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ) يعني مِنْ طينٍ متحجِّرٍ يابس، في منقار كلِّ طيرٍ حصاةٌ وفي رجليه حصاتان، كلُّ طيرٍ كم قنبلةً يحمل؟ ثلاث قنابل، (وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ(3) تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ) مِنَ الطِّين اليابس (فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ) العَصْف هو التبن (مَأْكُولٍ) فإذا أكلت الدَّابة التبن ماذا يصير؟ يصير زبلاً، قال: فجعلهم كتِبنٍ مأكول صارت تتساقط لحومُهم عن عِظامهم، ويُقال أنهم أصيبوا بالجُدري أو بما شابه وأهلكهم الله عن بكرة أبيهم ومَنْ نجا منهم هَلَكَ في بلده.

تذكير الله تعالى العرب بقصة الفيل:
فذكَّرَ الله النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم والعرب بهذه القصة (أَلَمْ تَرَ)، فمعنى ذلك أن المسألة كانت مشاهدةً لأهل ذلك الجيل، والمراد مِنْ (تَرَ) ألم تعلَم، لأن النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم في ذلك الوقت وُلِدَ في عام مَجيئ الحبشة وقصة الفيل، (كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ(1) أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ) مؤامراتهم وتخطيطهم لهدم الكعبة (فِي تَضْلِيلٍ):

إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا (15) وَأَكِيدُ كَيْدًا (16)
[سورة الطارق]

فردَّ الله كيدهم في نحرِهم، (وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ) هذا لا يدخل العقل، إن لله جنوداً من عَسل ومِنْ أبابيل:

كَذَٰلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ ۚ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ ۚ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَىٰ لِلْبَشَرِ (31)
[سورة المدثر]

تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ(4) فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ


سورة قريش:

لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ (1) إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ (2) فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَٰذَا الْبَيْتِ (3) الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ (4)
[سورة قريش]

(لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ(1) إِيلَافِهِم) يُقال أن السُّورتين تُعدَّان في بعض المصاحف سورةً واحدةً ولا يوجد فاصلٌ ببسم الله الرحمن الرحيم، وبعض المصاحف مفصولٌ بينهما، ولكن معناهما مرتبطٌ ببعضهما البعض، قال (فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ) أهلَكَهم إكراماً لقريش خَدَمَة الكعبة، وإكراماً لقريشٍ التي سيُولَدُ فيها خاتم النبيين والمُرسلين حتَّى لا تنقطع عنهم أرزاقهم ومُؤنُهم، فكان لهم في الصيف رحلةٌ إلى الشام للتجارة وفي الشتاء رحلةٌ إلى اليمن حيث الدفء (رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ) للتجارة وابتغاء الرزق لأن مكَّة وادٍ غير ذي زرع.
فقال: أهلكنا الحبشة وأصحاب الفيل مِنْ أجل بقاء النعمة وسَعَة الرزق على خُدَّام بيت الله عزَّ وجلَّ وخُدَّام شعائر الله عزَّ وجلَّ لأجل ما ألِفَهُ قريش مِنْ تجارةٍ في صيفٍ وشتاءٍ حتَّى يبقوا آمنين مطمئنين لا يعتدي عليهم أحدٌ لا في حَضَرهم ولا في سفرهم، كانوا إذا سافروا كانت كلُّ العرب تُكرِّم قريشاً لأنهم خَدَمَةُ بيت الله عزَّ وجلَّ، (فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ) لأجل بقاء نعمة تجارتهم وحُرِّيتهم في أسفارهم.
(رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ) فما دام الله أنعَم عليهم بنعمة الأمن وسَعَة الرزق بالتجارة فيجب أن يشكروا (فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ)، طالما حماهم الله ودفع عنهم أعداءهم وجعل كيدَهُم في نحورهم، هذه النعمة ألا تستوجِبُ الشكر؟ فالشكر: (فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ(3) الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ) بسبب رحلة الشتاء والصيف (وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ) ردَّ كيد الأحباش في نُحورهم وأهلكَهَم عن بِكرة أبيهم.

نعَمُ الله تستوجب شكرها:
فهذه كقصةٍ واقعةٍ حصلت في تاريخ القرآن، فما هو المقصود منها؟ الآن لا توجد حبشةٌ ولا مَنْ يهدِمُ الكعبة، ففي السورتين يوجد درسان عظيمان وعِبَرٌ هائلةٌ أولاً إذا أنعم الله على العبد بنعمةٍ أن يشكر الله عليها، نَصَرَك على عدوك، وسَّعَ عليك في رزقك، شَفَاك مِنْ مرضك، نجَّاك مِنْ جهلك، أكرَمَك بالعِلم والذِّكر والإيمان والتقوى، هذه نعمٌ يجب أن تُشكَر ولا تُكفَر، هذا هو الشُّكر (فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ)، طالما أنه أطعمهم مِنْ جوعٍ وأمَّنَ لهم طُرقَ أسفارهم في قوافلهم إكراماً للكعبة لأنهم خُدَّامها وسَدَانتُها، (وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ) أهلَكَ أعداءهم ومَنْ يُريد هدم الكعبة.

العظة والعبرة من السورتين:
فأنت يا مسلم وأنت يا مسلمة: لما نقرأ هاتين السورتين، الله عزَّ وجلَّ ليس قصصياً أو حكواتياً يقول لك حكايةً في السابق ليُسلِّيك بها، هذا الدرس عبرةٌ وعِظَة:

يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ (2)
[سورة الحشر]

كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ (29)
[سورة ص]

ففي السورتين يوجد نوعين مِنَ النَّاس: نوعٌ خَدَمِ بيت الله عزَّ وجلَّ الكعبة الشريفة، تقرَّب لله بعبادته وتكريم شعائر الله عزَّ وجلَّ كيف نَصَره الله على عدوِّه وكيف خَذَل أعداءه ودمَّرهم دماراً وهلاكاً فظيعاً، وكيف ببركة خِدمتِهِم أمَّن لهم الطُّرقات ويسَّر لهم التجارات حتَّى وهم في وادٍ غير ذي زرعٍ في الصحراء (أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ)، فهل عدَدَت نعمة الله عليك لتشكُره حتَّى يُكرِمَك كما أكرَمَ قريشاً وقد جاءهم الاستعمار ليهدِم أقدَسَ أقداسهم مسجد إبراهيم عليه السَّلام، وكيف نصرهم الله عزَّ وجلَّ وكيف حَفِظَ مُقدساته، وكيف أهلَكَ الأعداء لما كانوا في خِدْمَة بيت الله عزَّ وجلَّ.
فهل أنت أيها المسلم وأيتها المسلمة، فهل تكون وهل تكونين مِنْ حزب أنصار الله وأنصار دينه وخُدَّام شعائره حتَّى إذا أتاك باغٍ أو معتدٍ ليعتديَ على حُرمات الله أو ليعتديَ عليك أيُّها الإنسان حتَّى يكون الله نصِيرَك وحليفَك:

إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا ۗ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ (38)
[سورة الحج]

وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40)
[سورة الحج]

هُم بخِدمة الكعبة مع وثنيَّتهم ما أضاع الله خِدمتهم وكانوا يؤمنون بالله ولكن يخلِطُون الشِّرك مع الوحدانية، ومع ذلك لأنَّهم ليس لديهم مُعلِّمٌ وأنبياءٌ وإلى آخره.. فالمقصود شُكر النعم، والمقصود الحفاظ على ما كرَّمه الله وعظَّمَه.

سبب تسمية الكعبة بهذا الاسم:
الكعبة كنايةٌ عن مسجدٍ صغير، بناه إبراهيم وإسماعيل عليهما السَّلام، وسُمِّيت الكعبة لأن بناءها في الأصل ليس تربيعياً بل مستطيل، القسم المفصول عنها هو المُسمَّى بحِجْر إسماعيل، فحِجْر إسماعيل هو جزءٌ مِنْ مسجد إبراهيم يعني جزءٌ من الكعبة، والطواف حول الكعبة، لذلك لما كان في حياة النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال مرةً لعائشة:

{ يا عائِشَةُ، لَوْلا أنَّ قَوْمَكِ حَديثُو عَهْدٍ بشِرْكٍ، لَهَدَمْتُ الكَعْبَةَ، فألْزَقْتُها بالأرْضِ، وجَعَلْتُ لها بابَيْنِ: بابًا شَرْقِيًّا، وبابًا غَرْبِيًّا، وزِدْتُ فيها سِتَّةَ أذْرُعٍ مِنَ الحِجْرِ، فإنَّ قُرَيْشًا اقْتَصَرَتْها حَيْثُ بَنَتِ الكَعْبَةَ }

[صحيح مسلم]

(لَوْلا أنَّ قَوْمَكِ حَديثُو عَهْدٍ بشِرْكٍ) (5) أراد النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم أن يُخرِّبَ الكعبة البناء المربع ويُضيف له حِجْر إسماعيل المُسمَّى الشادروان بشكلٍ مستطيل، قال: لكن أخاف إذا هدمتها وإسلامهم جديدٌ فيقع في قلوبهم شيءٌ أنه هَدَمَ الكعبة فيرتدُّ ضعيف الإيمان، لذلك تركَها على ما هي عليه، لكنه كان يرغب بأن يُضيف ما فُصِلَ عنها إليها.

الكعبة بعد النبي صلَّى الله عليه وسلَّم:
في خلافة عبد الله بن الزبير لما ثار وقام بثورةٍ على الأمويين خَرَب الكعبة وأعاد بناءها على قواعدها الأولى التي أراد النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم أن يفعل ولكنَّه أخَّر مراعاةً لشعور النَّاس، يوجد خطأٌ في البناء ولا يترتَّب عليه شيء، ففي عهد عبد الله بن الزبير كان النَّاس كلُّهم يعرفون الحديث، فرأى أنه إذا هَدَمها وأعاد البناء فلن تحدُث الفتنة، فلما قتله الحجاج بنو أمية خرَبُوها وأعادوها كما كانت مربعةً قالوا لكي لا يبقى أثرٌ لعبد الله بن الزبير، وفي خلافة هارون الرشيد أتى هارون الرشيد يطوف بالكعبة ومعه الإمام مالك بن أنس صاحب المذهب، فاستفتاه ليُعيد الكعبة إلى مخطط سيِّدنا إبراهيم الذي أعاده عبد الله بن الزبير، فقال له: لا، فسأله: لماذا؟ النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم كان يشتاق ويرغب أن يُصحَّح، فصحَّح ابن الزبير فجاء الأمويون وخربَّوا لدافعٍ سياسيٍّ نفسيٍّ وإلى آخره، قال: إذا فعلت أنت يأتي بعدك أحدٌ ليمحيَ أثرك يخرِبُ بناءك فتصبح الكعبة ألعوبةً للملوك حتَّى لا تصير فدَعْها على بنائها فبقيت على ما هي عليه.

شكر نعم الله تعالى من القلب بالقول والعمل:
نرجع إلى (أَلَمْ تَرَ) هذه نعمةٌ أنعم الله بها على قريشٍ فحَفِظَ لهم مقدساتهم، وبخدمتهم لبيت الله أمَّن لهم أمور حياتهم مِنْ طعامٍ وغذاءٍ وأمنٍ وتكريمٍ في أسفارهم مِنْ قبائل العرب، معنى ذلك أنك إذا شكرت نعمة الله عزَّ وجلَّ:

وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ۖ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ (7)
[سورة إبراهيم]

فهل أنت أيها المؤمن لما تقرأ هذه السورة تُفكِّر بنعم الله عليك؟ أنعَمَ عليك بالشباب والعِلم والمال والقوَّة، فهل أولاً تستعمل هذه النِّعم في مرضاة الله؟ هل تشكُر هذه النعم بأقوالك وأعمالِك ومِنْ قلبك؟ الشُّكر، يقال:
أفادَتْكُمُ النَّعْماءَ مِنِّي ثَلاثَـــــةٌ يَدِي ولِسانِي والضَّمِيرُ المُحَجَّبا
{ محمد الشيباني الشافعي }
يعني إذا أنا أنعَمت على إنسانٍ بماذا يُقابلني الإنسان مقابل النعمة التي قدَّمتها له؟ (يَدِي ولِسانِي) سأشكرك علنياً بيدي وبالمدح والثناء بلساني، (والضَّمِيرُ المُحَجَّبا)وأيضاً مِنْ أعماق قلبي، فالشُّكر الحقيقي هو ما حَوى أداءه بهذه الجوارح الثلاث: تشكره باللسان وبعمل اليد وبالقلب بالحب والتقدير والتكريم والاحترام.

التعلُّم من سورة الفيل:
فكلُّ سورةٍ مِنْ سور القرآن العِلم بها للعمَل بها ولو نزلت السُّور في حقِّ غيرنا، فالله ذكر الغير إذا كان في الأعمال الصالحة لنقتدي وإذا كان في الأعمال غير الصالحة ونزول العقوبات والعذاب لنحذَرَ ونبتعِد عن ما يُغضِبَ الله عزَّ وجلَّ، فهذا هو عِلم القرآن الذي كان النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم يدعو إليه:

{ خيرُكُم مَن تعلَّمَ القرآنَ وعلَّمَهُ }

[سنن الترمذي]

مِنْ سورة الفيل كلُّ شيءٍ له صلة بالله ودينه وطاعته بما يُحبه، نحاول تهديمه أو بناءه وترميمه أو تخريبه وإيذاءه أو إسداءَ الخير إليه مِنْ إنسانٍ أو جمادٍ أو أي شيءٍ يُحبه الله ويرضاه، وإذا فعلت عكس ذلك وحاربت دين الله عزَّ وجلَّ في إنسانٍ أو عِلمٍ أو دينٍ أو مسجدٍ أو أي شيءٍ فتكون أنت ماشياً على طريق الفيل، يعني أنت على طريق أبرهة والأحباش.
إذا أنت لم تتعلَّم سورة الفيل، لأن سورة الفيل تنهاك بتعبير القصة أن انظر كيف يفعل الله بمِنْ يتعدَّى حدوده على بيته، الكعبة مسجدٌ لكن هل الكعبة أفضل أم المؤمن؟ وَرَدَ بأن النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم لما طاف حول الكعبة قال:

{ مَا أَعْظَمَكِ وَأَعْظَمَ حُرْمَتَكِ، وَالمُؤْمِنُ أَعْظَمُ حُرْمَةً عِنْدَ اللهِ مِنْكِ (6) }

[سنن الترمذي]

فإذا رأيت أحداً يُريد أن يسحب حجراً من الكعبة أو يريد أن يُمزِّق الثوب الذي على الكعبة، فهذا أمرٌ منكرٌ فظيعٌ يوجِبُ غضب الله، فإذا حاولت أن تقوم بمِثل هذا العمل مع مَنْ هو أكرم عند الله وأعظَمُ كرامةً مِنَ الكعبة ألن تكون ألعَن من أصحاب الفيل؟ أصحاب الفيل يهدِمُون حائطاً، أما الذي يتكلَّم في العُلماء والدُّعاة لله فهذا لا يهدِمُ الحائط بل الإسلام فصار مِنْ أصحاب الفيل، فماذا كانت العاقبة؟ (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ(1) أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ) تخطيطهم ومؤامرتهم ومحاولتهم لتهديم بيت الله عزَّ وجلَّ كيف فَعَلَ الله بهم؟ وإذا لم تُعجَّل العقوبة فالله يُمهِل الظالم ولا يُهمِله، إذا أخذه لا يتركه.

إساءة المسلمين لعلمائهم:
أذكر بعد وفاة شيخنا رضي الله عنه بعض النَّاس كانوا يجتمعون في سهراتهم يهاجمون جامع أبي النور، لا يُهاجمون جدرانه بل شيخه، يعني يجعلون الشَّيخ تسليَتَهُم، وهو لا يُؤذي أحداً ولا تعدَّى على أحدٍ ولا سبَّ أحداً، ليله ونهاره في خدمة الإسلام والمسلمين، ولكن هل يكون الشيطان مسروراً منه، يا تُرى عسكر الشيطان ألن يقوموا بواجبٍ نحو رئيسهم؟ فكانت حياتهم كلها هكذا، خصوصاً أن المسلمين مساكين، هل سمعتم أحداً يتكلَّم على مطربةٍ ما؟ غنيةٌ وكلُّ دخلةٍ لدرسها وإلى جامعها بكم؟ مئة جنيه، كم يكونون بالليرة السورية؟ سبع آلاف، يعني كلُّ مَنْ يأتي لدرس هذه المطربة المقدَّسة سيدفع سبع آلاف، لو قال الشَّيخ: كلُّ مَنْ يأتي للدرس يجب أن يدفع مئة ليرةٍ أو خمسين وخمسٍ عشرين وعشرة وخمسة أين يضعون أرضه؟ هذا ينطبِقُ على قول النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم:

{ إذا أبغضَ المسلمونَ عُلماءَهُم ، وأظهَروا عمارةَ أسواقِهِم ، وتألَّبُوا على جمعِ الدَّراهمِ ، رماهُمُ اللهُ بأربعِ خِصالٍ ، بالقحطِ مِن الزَّمانِ ، والجَورِ مِن السُّلطانِ ، والخيانةِ مِن ولاةِ الحُكَّامِ ، والصَّوْلَةِ مِن العدوِّ }

[مستدرك الحاكم]

(إذا أبغضَ المسلِمونَ علماءَهُم)(7)، لماذا لا يتكلَّمون عن الحشاشين؟ هل رأيتم جلسةً يتكلَّمون فيها عن الحشاشين والسكارى والجناة؟ تلاميذ الإمام ومُريدوه وغير المُريدين الذين لا يأتون درسه، هل يوجد مَنْ يذكُره بسوءٍ حياً أو ميتاً؟ الشَّيخ ماذا فعلَ معك ومع النَّاس؟ يُعلِّمُ النَّاس وينفعُهم ويُعلِّم الجاهل ويُصلِح الأعوج ويُقوِّمُ غير المستقيم ويهدي العاصي ويُصلح الأسرة والشباب.
شياطين الإنس:

وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا ۚ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ ۖ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ (112)
[سورة الأنعام]

كلُّه كذبٌ وتغريرٌ ومزخرفٌ ولا توجد تحته أي حقيقة، لكن تحليل كلام النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم: (إذا أبغضَ المسلمونَ عُلماءَهُم، وأظهَروا عمارةَ أسواقِهِم) يتظاهرون ويتباهون ويتسابَقُون في التجارات والكَسب الدنيوي، (وتألَّبُوا على جمعِ الدَّراهمِ) ليلهم ونهارهم الله الله الله؟ ماذا يُريد؟ المال والربح، (والصَّوْلَةِ مِن العدوِّ)، إسرائيل بطائراتها مثل الذي يذهب بسيارة الأجرة إلى بيروت، تدخل وتخرج وتُدمِّرُ وتخرِّبُ وتقتل وكذا، فالذي يزرع القمح يا بُني ماذا يخرج معه؟ ومَنْ يزرع الشوك ماذا يخرج معه؟ متى نتوب لله ومتى نسلُك طريق الله المستقيم ومتى نُكرِّمُ علماءنا ومتى نعود لديننا بالتعلُّم مِنَ المُعلِّم والتربية مِنَ المُربي؟ هل تصبح نجاراً مِنْ غير مُعلِّم؟ طبيباً بلا أساتذة؟

مفهوم النجوى وضوابطها:
فاسأل المسلم الإسلام عِلمٍ وحكمةٍ وتربية، فمَنْ أستاذك في العِلم والحكمة وتزكية النفس؟ أين مدرستك؟ أحدهم مدرسته في المقاهي والآخر في السَّهرات والثالث في صالات السينما والرابع مع الفَسَقة والخامس مع الفَجَرة، هل هذا هو الإسلام؟ والقرآن يقول:

لَّا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ ۚ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا (114)
[سورة النساء]

النَّجوى هي عندما يجتمع النَّاس مع بعضهم البعض يتحدَّثون في السهرات والنزهات والنوادي.
قال: (لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ)، إذا اجتمعوا تذاكَروا فقراءَهَم ومساكينَهُم وأرحامِهُم ليَسدُّوا ما يحتاجون إليه (بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ) إذا ترك أحدٌ واجباً مِنْ واجبات الله أو فرضاً مِنْ فرائضه، جارنا الفلاني لا يُصلِّي وفلانٌ لا يُزكِّي وفلانٌ يظلِمُ زوجته وفلانٌ غشاش، يجب أن نذهب إليه لنُصلِحَه، (لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاس)، إذا سمعنا باثنين زوجين أو أخوين أو شريكين أو جارين مُتخاصِمَين ومُتباعِدين فالله يقول لنا: لا خير في مجالسكم وسهراتكم واجتماعاتكم إلا إذا حمَلتم هذه الأوصاف كلَّها أو بعضها، (وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا)، فيا تُرى هل صارت هذه الآية عقيدةً جازمةً مثل عقيدتك في الدواء إذا كنت مريضاً؟ تذهب إلى الطبيب والصيدلي وتستعمل الدواء، وهكذا القرآن:

وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ ۙ وَلَا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَارًا (82)
[سورة الإسراء]


الحرص على أن تكون العبادة مقبولة:
فأصحاب الفيل عَصوا الله بمحاولتهم لهدم بيتٍ مِنْ بيوت الله بتخريب جدرانه مع قومٍ أحاطوا الكعبة بأصنامٍ وهم مُشركون ومع ذلك غَضِبَ الله على مَنْ يهدِّم شعائر الدين، فإذا كان المؤمن أفضل مِنَ الكعبة بالنصِّ النبوِّي والمسلمون لم يفهموا (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَابِ الْفِيلِ) ولا (لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ)، ذهب وحجَّ كم حجة حتَّى وصلوا العشرة، كم واحدةً مقبولة؟ يُصلِّي فهل صلَّى الصَّلاة التي تنهى عن الفحشاء والمنكر؟ الصَّلاة التي فرضها الله أيُّ صلاة؟ فرض الصلاة التي تنهى عن الفحشاء والمنكر، وفرض الصلاة:

الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2)
[سورة المؤمنون]

و:

إِلَّا الْمُصَلِّينَ (22) الَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ (23) وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ (24) لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (25)
[سورة المعارج]

كما أنه ذمَّ المصلين:

الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (5)
[سورة الماعون]

يُصلِّي ويقول له الله عزَّ وجل ويلٌ لك ولصلاتك، لم يقُل ويلٌ لتاركي الصَّلاة، بل ويلٌ للمُصلِّين.

{ رُبَّ تالٍ للقرآن والقرآن يلعنه }

[ورد في الأثر]

وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ (1)
[سورة المطففين]

وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ (1)
[سورة الهمزة]

فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (4)
[سورة الماعون]

فإذا كنت مُصلِّياً والله يقول لك: الويل لك ولصلاتك لأنها لا تنهاك عن الفحشاء والمُنكر لأنك لا تذكُر الله فيها، عندما تريد الدخول في الصَّلاة فستدخل في مُجالسة الله ومدرسته لتتلمَذَ على الله ليكون الله أستاذك وأنت المُتعلِّم، فإذا قال لك: (وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ) فاحذر الهَمْزَ واللَّمْز، مثل الطبيب، إذا كنت مريضاً ولديك إسهال، وقال لك الطبيب: لا تأكل المُهلبية والرُّز بالحليب والكنافة، فهذا يُسهِّل البطن، ويا ويلك إذا أكلت، فلا استعمل الدواء ولا الحِمية، ألا يقول له: ويلك؟ فإذا قال الله تعالى: للمُصلِّي ويلك، فماذا تستحِقُّ صلاتنا؟ تستحقُّ الويل أم:

قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2)
[سورة المؤمنون]

فقط؟ لا:

وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (3) وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ (4)
[سورة المؤمنون]

(وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ) واللغو هو الكلام الذي لا ينفَعُ ولا يضُر.
معنى ذلك أن الله عزَّ وجلَّ يقول: لا تقُل ولا تستعمِل لِسانك إلا فيما ينفعُك وما ينفَعُ النَّاس، إلا عندما يكون الإنسان في حالة تعبٍ ومللٍ يحتاج إلى ترويحٍ عن النفس، فإذا تكلَّم باللغو الذي لا ضررَ منه لأحدٍ:

{ روِّحوا القُلوبَ ساعةً فساعةً (8) }

[مسند الشهاب]

فإن القلوب إذا كلَّت عمِيَت، يعني إذا مزَحَ.. وكان النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم إذا مزَحَ لا يقول إلا حقاً.

صفات المصلّين المفلحين الناجحين:
فالمُصلِّين المُفلِحُون الناجحون (الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2) وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (3) وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ)، فإذا كان مُصلِّياً ولا يُزكِّي فهل هو مِنْ (قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ) أم (فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ)؟ يُصلِّي ولكن لا يُزكِّي؟ هذا قد أفلح أم الويل له؟ هذا كلام الله، مثل (وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ)، فويلٌ للذين كفروا مِنْ أصحاب النَّار، أيضاً مِنْ جملة مَنْ يستحق الويل المُصلُّون (الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ)، فيا تُرى عن صلاتِهِم عن أحكامِها وأوامِرها وإرشاداتِها ووصاياها، وعندما تقرأ (وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ) أي اترك الهَمْزَ واللَّمْزَ والغِيبَة والتكلُّم في أعراض النَّاس، فإذا أقبَلْتَ في صلاتك على معنى الآية وابتعدت عن الهَمْزَ واللَّمْز فهل تكون مِنَ (الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ)؟ وإذا فهِمْتَ وعلِمْتَ وعمِلْتَ تكون ممَّن (أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ).
ما أحلى صفات المُصلِّي:

قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2) وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ (3) وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ (4) وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلَّا عَلَىٰ أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ (6) فَمَنِ ابْتَغَىٰ وَرَاءَ ذَٰلِكَ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْعَادُونَ (7) وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ (8) وَالَّذِينَ هُمْ عَلَىٰ صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (9) أُولَٰئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ (10) الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (11)
[سورة المؤمنون]

(وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ) لا يتركونها ولا يتركون آدابها وأحكامها وأوامِرها.

قراءة القرآن بعد تربية الشيخ:
شيخنا رضي الله عنه كان مِنْ كبار العلماء ومِنْ حَفَظَة كتاب الله، وكان قبل أن يجتمع بشيخ التربية الشَّيخ عيسى النقشبندي كان لديه حلقة طلاب العِلْم، يُدرِّس لطلاب العِلم ودرس الوعْظَ والإرشاد العام للمسلمين، قال لي: بعدما دخلت مدرسة شيخه المُربِّي: قال: لم يمضِ عليَّ أربعون يوماً إلا علِمْت وعرَفت وتيقَّنت أنني كنت لا أفهم القرآن، قال لي: لما قرأت القرآن بعد تربية الشَّيخ كانت كلُّ كلمةٍ مِنْ كلمات القرآن تنقلِبُ فيَّ عَمَلاً وأخلاقاً وسُلوكاً ونوراً وخُشوعاً وبالتالي أيضاً المُستمعون وطلبة العلم تحسَّنت أحوالهم وهذا كلُّه ببركة ذِكْر الله عزَّ وجلَّ وببركة الارتباط القلبي والحُبِّي مع أحباب الله:

{ المرءُ على دينِ خليلِه فلْينظرْ أحدُكم من يخاللُ (9) }

[مسند الإمام أحمد]


العبرة بالحقيقة وليس بالتسمية:
أيها الأخوة والأحبة: نريد أن نكون مسلمينَ بالمعنى الصحيح، لما يقال طبيب فإذا كان مزوراً ماذا تكون فائدته مِنَ اللقب؟ ثم ماذا سيكون عليه مِنْ المسؤولية والعقوبة من الدولة والحكومة؟ والخطر الأكبر إذا مارس مهنة الطب وطبَّب الناس، فبعضم يموت وبعضهم يُصاب بالشلل .. كذلك المسلم، إذا ما صار مسلماً حقاً، ولماذا لا يصير؟ وهل المسلمون في زمن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم نالوا ما نالوا من أوصافهم التي وصفهم الله بها في القرآن العظيم:

وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۚ ذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (100)
[سورة التوبة]

أخذوا هذه المكافآت بمجرَّد الانتساب أنَّهم مسلمون؟ قال: (وَالسَّابِقُونَ) سابِقُون في الجهاد وصلاة الليل:

كَانُوا قَلِيلًا مِّنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (17) وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (18) وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ (19)
[سورة الذاريات]

(قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ)والهجرة كان أحدهم يترك دار الكفر والجهل والوثنيَّة لا إلى المدينة بل إلى العِلم والحكمة والتَّزكِية حيث استقرَّت في المدينة في شخص رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، بذلوا أموالهم وأرواحهم، كانوا (قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ(17) وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ(18) وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ)أحَبُّوا رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم حُباً، في المعارك لما تأتي السِّهام مثل المطر أحدهم يجعل صدره أمام صدر رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ويقول: صدري لصدرِك وقاءٌ وروحي لروحِك فداء.

القراءة الحقيقية للقرآن الكريم:
حقُّ المُعلِّم المُرشد المُربِّي المُنقِذ الذي يُعلِّم الكتاب لا قراءة حروفه وكلِماته ولكن يقلِبُ معنى الكلمات في نفس تلميذه إلى أعمالٍ وأخلاقٍ وتقوى وسلوكٍ ومسارعةٍ إلى مرضاة الله إلى وقوفٍ عند حدوده وابتعادٍ عن محارِمِه، لذلك إذا قرأنا سور القرآن لا نفرح بكثرة القراءة، قرأت جزءاً واثنين وثلاثة، وفي رمضان ختمةً وختمتين وخمساً وعشراً، لا..
أتى أعرابيٌّ إلى النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم يطلب مِنَ النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم أن يُعلِّمه، فتلا عليه قوله تعالى:

فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ (8)
[سورة الزلزلة]

فقال الأعرابيُّ: أوصِني وصيةً مختصرةً، فعقلي لا يحمِلُ الكثير، فتلا هاتين الآيتين فانصرَف وهو يقول: كفَتني كفَتني، فقال صلَّى الله عليه وسلَّم:

{ أفلَح وأبيهِ إنْ صدَق (10) }

[صحيح مسلم]


إيمان الصحابة كان قبل أن يأتيهم القرآن:
لذلك يا بنيّ كان أصحاب رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقولون لجيل التابعين الذي أتى بعد رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: نحن -أصحاب رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم- أُوتينا الإيمان قبل القرآن، وأنتم أُوتيتم القرآن قبل الإيمان، لماذا وَصَف الله أصحاب رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم بـ(قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ (17) وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُون)؟

وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133) الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِوَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (134)
[سورة آل عمران]

فبعضهم كان يُقدِّمُ عشاء أولاده وأطفاله لمَنْ هو أحوَجُ للعشاء منه، ومنهم مَنْ إذا حضر الجهاد يُصلِّي ركعتين ويدعو الله ويقول اللَّهم لا ترُدَّني إلى أهلي خائباً ويعني بالخيبة أن يرجع حياً، يطلب أن لا يرجع حياً وأن يُرزَقَ الشهادة، هذه ثمرات الإيمان الحقيقي.
فهذا الإيمان الحقيقي كانوا من أجله يتركون أوطانهم وأموالهم وتجاراتهم وديونهم عند النَّاس ويهاجِرون إلى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ليتعلَّموا الكتاب لا قراءته بل ليتعلَّموا حقائقه ومعانيه التي ببركة الإيمان الحي ومعِدة الإيمان تحوِّل كلمات القرآن ومعانيه إلى أعمالٍ وأخلاقٍ وسلوكٍ ومعاملة، ثم ببركة نور الله الذي دخل في قلوبهم وملأ عقولهم كانوا يتعلَّمون الحكمة بتزكية نفوسهم صاروا كالملائكة فاستحقوا شهادة رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم:

{ حكماءُ علماءُ، كادوا مِن فِقْهِهم أن يكونوا أنبياءَ (11) }

[حلية الأولياء]

النَّبيّ هو الذي يبني أمةً فاضلةً تقيَّةً إنسانيَّة ًعالِـمَةً حكيمةً فقيهةً:

أُولَٰئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ ۖ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ ۗ قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا ۖ إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَىٰ لِلْعَالَمِينَ (90)
[سورة الأنعام]


التحذير من أن نكون كأصحاب الفيل:
فكلٌّ منا لا يفرح ويقول حضرنا الدرس وفهِمنا سورة الفيل، المُهم أن تحذر أن تكون كأصحاب الفيل الذين حاولوا أن يهدِموا شعائر الله، فأنت يا تُرى في النهار ألا يخرج منك هدمٌ لشعائر الله؟ مِنْ غيبةٍ أو نميمةٍ أو إيذاءٍ لمؤمنٍ أو تهجُّمٍ على بعض الصالحين، أليس هذا كأصحاب الفيل! أنت مُعرَّضٌ ليُعاقب كما عاقب الله أصحاب الفيل، وليس مِنَ الشرط أن يكون الذنب واحداً، ليس هدم الكعبة فقط ذنب، كلُّ مخالفةٍ لأمرٍ مِنْ أوامر الله كلُّه كسلوك أصحاب الفيل، ماذا عامل الله أصحاب الفيل على تجرُّؤهم وتجاوز حدود الله وهدمهم شعائره؟ جعل كيدهم وقوَّتهم وجيشهم ودولتهم وعظَمَتهم (في تضليل) هباءً منثوراً، (وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ).

جنود الله عزَّ وجل:
وتوجد (وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ) في الغرب ظهرت بعض جنود الله كالإيدز، لا طير الأبابيل وثلاثة أحجار وكلُّ حجرٍ ينزل برأسه ويخرج مِنْ أسفله، فيروسٌ لا تراه العيون، كلُّ علمائهم وجامعاتهم وأطبائهم وخبرائهم عجزوا عن أن يتغلَّبوا لا على الجرثوم لأن الجرثوم يُرى بالمجهر، أليس كذلك يا دكتور؟ هل هذا فيروس؟ هل يُرى؟ قاموا له بكلِّ الأدوية، عندما يأتي الدواء يُغيِّر نفسه لصفةٍ لا يُؤثِّر فيه الدواء، فيصنعون دواءً بصورةٍ ثانيةٍ فلما يصنعونه يجعل لنفسه درعاً ثالثاً، إذاً لما انتهكوا حُرمات الله بالفواحش والزنا والشذوذ واللواطة أرسل عليهم لا طيراً أبابيل، بل أحقر وأصغر وأكثر، جندياً اسمه الإيدز، لا القنابل النووية ولا الإلكترونية ولا الكيماوية ولا كلُّ مستشفياتهم ولا أطبائهم ما استطاعوا التغلُّب على أحقر وأصغر وأضعف سوطٍ من سياط الله، لذلك المقصود أن نعتبِرَ نحن، لما تقرأ عن أصحاب الفيل، فاحذر أن تتجاوز حدود الله إلى معصِيته وتكون مُخرِّباً لشعائر الله سواء كان جداراً أو مسجداً أو كعبةً أو عالِماً أو قرآناً أو أي شيءٍ يُعطى اسم الإيمان أو الدِّين أو القُدسية في نظر الله عزَّ وجلَّ على طريق الوجوب والتكريم والاحترام.

قصةٌ في تعظيم كتاب الله عزَّ وجلَّ:
يُذكر عن السلطان عثمان الأول جدُّ الملوك العثمانيين، يُقال: كان أميراً من الأمراء العالِمين، ففي سفره نزَل على أحد النَّاس ضيفاً، فلما أراد النوم أخذه لغرفة النوم، فلما دخل وهو في عتبة الغرفة رأى مصحفاً مُعلَّقاً في صدر الغرفة، السلطان عثمان الأول، قال فبقي في العتبة إلى أن سطَعَ الفجر، متكتِّفاً أمام كتاب الله عزَّ وجلَّ وقال: كيف أستلقي وأمدُّ رجليَّ أمام كتاب الله؟ فأكرَمَه الله عزَّ وجلَّ بأن جعله سلطاناً وجعل مِنْ ذريته عشرات الملوك والسَّلاطين وكما قال تعالى:

ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ (32)
[سورة الحج]

ومَنْ يُهِنْ شعائر الله كما فعل أصحاب الفيل، جعل مع قوَّتهم وعَظَمة سُلطانهم وأفيالهم وضَعف قريش، جعل الله كيدَهم وجيشهم وسُلطانهم في تضليلٍ هباءً منثوراً، وأرسل عليهم جنداً مِنْ جنوده اسمه الطَّير وليس اسمه الأبابيل، الأبابيل تعني المجموعات مِنَ الطيور، الأبابيل تعني المجموعات، طيوراً جماعاتٍ جماعات، (تَرْمِيهِمْ بِحِجَارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ) طينٍ يابس (فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ).

الخاتمة:
فالآية كلُّها تُحذِّر مِنْ معصية الله خاصةً من التعرُّض لشعائر الله، سواء كان مسجداً أو مصحفاً أو عالِماً أو صالِحاً وإلى آخره.. اللهم اجعلنا مِنَ الذين يستمِعون القول فيتِّبِعون أحسَنه، هل فهمتم سورة الفيل جيداً؟ وبماذا كافأ الله عزَّ وجلَّ مَنْ يُعظِّم شعائره على وثنيَّتهم؟ كافأهم برحلة الشتاء والصيف، رحلة الشتاء إلى اليمن وهي في الشتاء دافئة، وفي الصيف رحلةٌ إلى الشام يُصيِّفون هناك لأنهم خَدَموا بيت الله تعالى، فبيت الله أعظم أم وارِثُ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أعظم؟ المسجد أعظم! انظروا يا بنيّ المسلمون أكثرهم صار مثل أصحاب الفيل، أليس كذلك؟ تاب الله علينا وجعلنا مِنَ الذين تواصوا بالحق وبالصبر، وصلى الله على سيِّدنا مُحمَّد وعلى آله وصحبه وسلم، والحمد لله رب العالمين.
اليوم يوجد في زيارة المسجد وتشرَّفنا به السيد الشَّيخ إبراهيم مُحمَّد إبراهيم، وزير الشؤون الهندسية في السودان، ووفدُه الشَّيخ مظهر القيمة أهلاً ومرحباً مِنْ كبار علماء حماة، الشَّيخ إبراهيم، أهلاً وسهلاً، والأخ سالم أهلاً ومرحباً وسهلاً بكم جميعاً.

الدعوة إلى تعلّم كتاب الله وتعليمه
فقولوا آمين، رد الله عزَّ وجلَّ المُسلمين إلى فِقْه القرآن، وهيَّأ الله للمسلمين مَنْ يُعلِّمُهم القرآن لا تلاوة ألفاظه ولا تلاوة وتجويد النُّطق بحروفه، هذا الشريط المُسجِّل مِنْ أحسَن الناطقين بكلماتِ وحروفِ وتجويدِ القرآن، المُهم أن نفْقَه القرآن فَهماً وغايةً وهدفاً وعملاً ثم وتعلِيماً، تحقيقاً لحديث النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم:

{ ألا أخبرُكُم بالأجوَدِ الأجوَدِ اللَّهُ الأجَودُ الأجوَدُ وأنا أجوَدُ بني آدمَ وأجوَدُهم من بعدي رجلٌ علمَ علمًا فنشرَ عِلمَه يبعثُ يومَ القيامةِ أمَّةً وحدَهُ ، ورجلٌ جادَ بنفسِه في سبيلِ اللَّهِ }

[أخرجه أبو يعلى]

(ألا أخبرُكُم بالأجوَدِ الأجوَدِ اللَّهُ الأجَودُ الأجوَدُ وأنا أجوَدُ بني آدمَ وأجوَدُهم من بعدي رجلٌ)(12)والمرأة ليس لها حصَّة؟ ليس المقصود الذكر والأنثى بل الإنسان رجلاً أو امرأة، (رجلٌ علمَ علمًا فنشرَ عِلمَه) كلُّ واحدٍ منكم يجب أن يكون الأجود، يرجع لبيته يُعلِّم أهل بيته ما سمع، سورة الفيل، فالله ذكَرَ أصحاب الفيل لكي لا نكون مثلهم، نكون كقريشٍ في وثنيَّتهم يخدِمُون بيت الله عزَّ وجلَّ، فإذا كان مَنْ يخدِم بيت الله عِلماً وعَملاً وهو غير وثنيٍّ وهو مؤمِنٌ بالله ورسوله فيا تُرى هؤلاء الله أكرَمَهم برحلة الشتاء والصيف، فإذا كان الإنسان مؤمناً بالله ورسوله ويخدِمُ بيت الله ودينه ألن يُكرِمَه الله أكثر؟ معنى ذلك أن لا نكون مِنْ أصحاب الفيل بل نكون مِنْ خدمة شعائر الله هذا فقه ماذا؟ فقه السورة والقرآن، فبعد أن نتعلَّم يجب علينا أن نُعلِّم ونعمَل، مَنْ تعلَّم وعمِلَ ثم علَّمَ دُعيَ عظيماً في الملكوت الأعلى، تصير أنت مِنَ العُظماء في عالم السماوات بين ملائكة الله ولو كنت سائقاً أو فلاحاً أو درويشاً لكن صِرت عند الله عظيماً، جعلنا الله مِنَ العُظماء عنده المحبوبين لأحباب الله، وصلى الله على سيِّدنا مُحمَّد وآله وصحبه، والحمد لله رب العالمين.

الحواشي:
(1) صحيح البخاري، كتاب الإيمان، باب حلاوة الإيمان، رقم: (16)، صحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب بيان خصال من اتصف بهن وجد حلاوة الإيمان، رقم: (43).
(2) سنن ابن ماجه، كتاب الفتن، باب كف اللسان في الفتنة، رقم: (3976)، سنن الترمذي، أبواب الزهد، باب/، رقم: (2317).
(3) صحيح البخاري، كتاب فضائل القرآن، باب خيركم من تعلم القرآن وعلمه، رقم: (4739)، سنن أبي داود، أبواب قراءة القرآن وتحزيبه وترتيله، باب في ثواب قراءة القرآن، رقم: (1452)، سنن الترمذي، كتاب فضائل القرآن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء في تعليم القرآن، رقم: (2907).
(4) شعب الإيمان للبيهقيُّ، رقم: (1642)، الجزء (3/273)، المعجم الصغير للطبراني، رقم: (507)، (1/305).
(5) صحيح مسلم، كتاب الحج، باب نقض الكعبة وبنائها، رقم: (1333).
(6) سنن الترمذي، أبواب البر والصلة، باب ما جاء في تعظيم المؤمن، رقم: (2032)، سنن ابن ماجه، كتاب الفتن، باب حرمة دم المؤمن وماله، رقم: (3932)، ونصه عند الترمذي: ((عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: صَعِدَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمِنْبَرَ فَنَادَى بِصَوْتٍ رَفِيعٍ، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ مَنْ أَسْلَمَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يُفْضِ الإِيمَانُ إِلَى قَلْبِهِ، لاَ تُؤْذُوا الْمُسْلِمِينَ وَلاَ تُعَيِّرُوهُمْ وَلاَ تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ، فَإِنَّهُ مَنْ تَتَبَّعَ عَوْرَةَ أَخِيهِ الْمُسْلِمِ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ، وَمَنْ تَتَبَّعَ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ وَلَوْ فِي جَوْفِ رَحْلِهِ قَالَ: وَنَظَرَ ابْنُ عُمَرَ يَوْمًا إِلَى البَيْتِ أَوْ إِلَى الكَعْبَةِ فَقَالَ: مَا أَعْظَمَكِ وَأَعْظَمَ حُرْمَتَكِ، وَالمُؤْمِنُ أَعْظَمُ حُرْمَةً عِنْدَ اللهِ مِنْكِ)).
(7) مستدرك الحاكم، رقم: (7923)، (4/361).
(8) مسند الشهاب، رقم: (672)، (1/393).
(9) مسند أحمد، رقم: (8028) (13/398)، (8417)، (4/142)، مسند الطيالسي، رقم: (2696)، (4/299)، حلية الأولياء، (3/165)، شعب الإيمان، رقم: (8990)، (12/44).
(10) صحيح البخاري، كتاب، باب الزكاة من الإسلام، رقم: (46)، صحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب بيان الصلوات التي هي أحد أركان الإسلام، رقم: (11).
(11) حلية الأولياء، أبو نعيم، (7/271).
(12) مسند أبي يعلى، رقم: (2790)، (5/176).