تفسير سورة العلق 3

  • 1996-04-05

تفسير سورة العلق 3

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله ربِّ العالمين، وأعطر التحيات والتسلميات على سيِّدنا مُحمَّد المبعوث رحمةً لكلِّ شعوب العالمين، وعلى أبيه سيِّدنا إبراهيم، وعلى أخويه سيِّدينا موسى وعيسى، وعلى جميع إخوانه مِنَ النبيين والمرسلين، وآلِ كلِّ وصحبِ كلٍّ أجمعين، ومَنْ تبعَهُم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وبعد:

أول اتصال بين السماء والأرض:
نحن الآن في تفسير سورة العلق أو سورة اقرأ، وهي أول اتصالٍ بين السماء والأرض لهذه الأمة، وأول فتحِ مدرسةٍ لتثقيف العالَم بثقافة السماء التي وضعت تصميم وتنفيذ وجود هذا الكون بأرضه وسمائه وكواكبه وشُموسه وأقمارِه ونظامِه الذي لو اختلَّ منه واحدٌ بالمليار لاختلَّ نظام الحياة والوجود، فأول درسٍ لهذه الأمّة خاطَبَ الله إنسانها الأول والخطاب موجَّهٌ لكلِّ إنسان العالَم في قوله تعالى: ﴿اقرأ﴾ أيها الإنسان الكامل الفاضِل يا مُحمَّد، ثم بعد مُحمَّد القرآن وسُوره موجَّهٌ خطابها إلى كلِّ إنسان.

وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ (107)
[سورة الأنبياء]

وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (28)
[سورة سبإ]


المدرسة الإلهية نوعان:
وسبقَ معكم في الدرس الماضي بأن المدرسة الإلهية جعلها الله نوعين: مدرسةٌ قلبيةٌ روحانيةٌ يتولَّى التعليم فيها والإلهام هو ربُّ العالمين، ومادة دراستها ذِكرُ الله عزَّ وجلَّ كما قال تعالى: ﴿اقْرَأْ﴾ مِنْ أي وسيلةٍ وأي كتاب لتأخذ العلوم؟ قال: مِنْ طريق ذِكر الله.

وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ ۗ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (282)
[سورة البقرة]

فالنبي صلَّى الله عليه وسلَّم والأنبياء قبله ما كان لهم مُعلِّمٌ ولا كان لديهم كتابٌ ولا مكتبة، إنما توجّهوا بكل قلوبهم وعقولهم وأحاسيسهم نحو الله عزَّ وجلَّ توجُّهَ المحبِّ العاشق الذاكر المشتاق حتَّى صَقَلَت وتنظَّفت مرايا قلوبهم فانكشف في صفحاتها لهم عالَم الأرض والسماء، وتولَّى الله تعليمهم وهندسة بناء الإنسان الفاضل، إنسان السَّلام والعدل والرحمة والإحسان والعِلم والعقل الحكيم والعمل الذي يعمل للدنيا والآخرة، للجسد والروح، فهذه المدرسة مدرسة الأنبياء والخُلَّص مِنْ وَرَثتِه مِنَ العلماء الأولياء، ومَنْ لم يكن مؤهلاً لهذه المدرسة ينتقل إلى المدرسة الثانية وهي مدرسة القلم والورق، فليقرأ القرآن الذي هو ثمرة تلك المدرسة لكن قراءةً ليعلَم ما يقرأ ويفهَم ما يتلو ويسمع وليُحوِّل ما يعلَم ويسمع إلى عملٍ وسلوكٍ وأخلاقٍ ثم يقوم ليُعلِّم ويُبلِّغ ويُفهِّم ما عمله وعرَفَه، ليأخذ اللقب الرباني في قول النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم:

{ ألا أخبرُكُم بالأجوَدِ الأجوَدِ اللَّهُ الأجَودُ الأجوَدُ وأنا أجوَدُ بني آدمَ وأجوَدُهم من بعدي رجلٌ علمَ علمًا فنشرَ عِلمَه يبعثُ يومَ القيامةِ أمَّةً وحدَهُ ، ورجلٌ جادَ بنفسِه في سبيلِ اللَّهِ }

[مسند أبي يعلى]

(ألا أخبرُكُم بالأجوَدِ الأجوَدِ اللَّهُ الأجَودُ الأجوَدُ وأنا) يعني النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم (وأنا أجوَدُ بني آدمَ وأجوَدُهم من بعدي) بعد مقام النبوة (رجلٌ) ليس المقصود مِنَ الرجل الذكر، المقصود هو الإنسان (علمَ علمًا) هذا حضٌّ على التعلُّم (فنشرَ عِلمَه) لينتقل إلى مرحلة التعليم والتبليغ وإيصال الأمانة لأهلها (يبعثُ يومَ القيامةِ أمَّةً وحدَهُ )(1).

تحوُّل الإنسان بعد التعليم الإلهي:
هذا التعليم الإلهي حوَّل الإنسان الفرد إلى مستوى أمّة، كان صلَّى الله عليه وسلَّم يقول في هذا الموضوع:

{ صَوْتُ أبي طلحةَ في الجَيْشِ خيرٌ من أَلْفِ رجلٍ }

[صححه الألباني]

فما هذه المدرسة التي تجعل الشخص بوزن ألف رجلٍ ووزن أمّة؟ عمرو بن العاص لما ذهب ليفتح مصر طلب إمداداً من عمر بن الخطاب رضي الله عنه قائلاً له: عدد الجيش لا يكفي لفتح مصر، أحتاج اثني عشر ألفاً، فأرسل عمر رضي الله عنه أربعة آلافٍ، وجيش عمرو أربعة آلاف فكم يبلغ العدد؟ ثمانية، فيحتاجون أربعة آلاف أخرى، فقال له: أرسلت لك أربعة أشخاص كلُّ واحدٍ منهم بألف، فصار جيشك اثنا عشر ألفاً، والنبي يقول بحسب زمنهم:

{ ولن يُغْلبَ اثنا عشرَ ألفًا من قِلَّةٍ (2) }

[مسند أحمد]

العرب الآن يزيدون عن مئتي مليون واليهود أربع أو خمس ملايين، إذا وضعناهم بميزان القوة والعِلم والكفاءات الحياتية فأي الكفتين ترجح؟ لماذا؟ الجواب تعرفونه، لأننا مسلمون بالاسم لسنا مسلمو العِلم والمُعلِّم والحكمة والحكماء والتزكية تزكية النفوس وتنقيتها مِنْ نقائصها وتخلُّفها ولسنا أصحاب العقول الحكيمة، والحكمة هي فعل ما ينبغي في الوقت الذي ينبغي على الشكل الذي ينبغي.

التعليم بعد التعلُّم:
فهذا مرَّ معكم في الدرس الماضي، مدرسة ذكر الله وتقواه حتَّى يكون الله مُعلِّمك، والمدرسة الثانية كما قال: ﴿الذي علَّم بالقلم﴾ أيضاً انظر ماذا كتب القلم مِنْ علومٍ نافعةٍ ومعارف رافعة كذلك تعلَّمَها لتكون الطائر ذا الجناحين.
ثم قال تعالى بعدما يصير الإنسان في مستوى العالِم بالله وبكتابه سينتقل إلى مرحلة التعليم، ومرحلة التعليم لها أعداؤها، مرحلة الانتقال مِنَ التخلُّف إلى التقدُّم ومِنَ التمزُّق إلى الوحدة ومِنَ التعادي والأحقاد إلى الحب وجعل الجماعة كالشخص الواحد، هذه يقف أمامها أعداءٌ كثيرون ومثبِّطون ومُهدِّمون، فهناك تظهر المعارك ويظهر جيش المخرِّبين، لذلك أشار الله إلى المعركة السلبية الأولى، المعركة الإيجابية البنائية العِلم بالله مِنْ طريق الذِّكر والإخبات والإقبال والخلوة بالله ثم التعلُّم بطريق القلم وهذه أول كلمةٍ تُسطَّر في دستور القرآن، أول كلمةٍ تُخاطِبُ بها السماء الأرض، هذا يُسمى ديناً بعرف الإنسان والأديان هذا يُسمَّى فوق ذلك التقدُّم والبَعث، بَعث الأمة مِنْ موتها إلى حياتها ومِنْ ذلها لعزَّتها ومن ضعفها لقوتها ومِنْ قوميتها ووطنيتها إلى عالميتها كما كان يقول رحمه الله مُحمَّد إقبال:
الصينُ لناْ ، والعُربُ لنــــا والهندُ لناْ ، والكلُ لنـــاْ أضحىْ الإسلامُ لناْ دينـــا وجميعُ الكونِ لناْ وطنــاْ
{ مُحمَّد إقبال }
فالإسلام وسَّع جزيرة العرب حتَّى جعل العالَم كلَّه جزيرةً للعرب، وهذا يتحقق على يدِ:

إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَذِكْرَىٰ لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ (37)
[سورة ق]

فالآيات التي ستفسَّر الآن هذه معركة السلب، المعركة مع شياطين الإنس والجن، لأن الشيطان لا يرضى للإنسان أن يسعَدَ ويبقى ويتقدَّم، فيُرسِلُ جنوده مِنَ الإنس كما قال تعالى:

وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا ۚ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ ۖ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ (112)
[سورة الأنعام]

وبحسب الطبيعة مَنْ جهِلَ شيئاً عاداه والجاهلون لأهل العِلم أعداءُ.

ردع الجهلة:
فقال الله: ﴿كلا﴾ ليرتدع هؤلاء إذا رؤوا نور العِلم وشمسه أضاءت بنورها لتطرد الظلمات ينبغي أن يفتحوا قلوبهم وصدورهم وعقولهم، فعمِلوا العكس فالله قال: ﴿كلا﴾ يعني حقاً وهذه طبيعة الإنسان ﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى﴾، فبدل أن يتقبَّل العِلم ويفتح له قلبه ويشرح صدره ويُصغِي بكلِّ عقله ومداركه وأحاسيسه يعمَل العكس، فيطغى ويتجاوز، فصاروا يُقاومون النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم ويُؤذونه ويفترُون عليه الكذب ويُشوِّهون السمعة ويُؤذون المستضعَفين مِنَ المسلمين بالعذاب والتشويه والصدِّ عن سبيل الله إلى أن وصل الأمر بهم إلى مقاطعة النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم وأصحابه، لا بيعَ ولا شراء ولا مُعاملة ولا زواج حتَّى اضطر النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم أن يلجأ إلى أحد وديان مكة هو وكلُّ أنصاره وعائلته ثمانيةً وعشرين شهراً، لا يبيعونهم ولا يشارُونهم غروراً بقوَّة كفار قريش، ومَنْ استجاب للنبي ضُعفاء النَّاس مِنْ شباب صغار ومِنْ عبيد أرقاء مملوكين، أما الأغنياء والزعماء والعظماء كما قال تعالى: ﴿ أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى ﴾ فرأوا في النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم أنه يُريد أن يسلُبَهم زعامتهم ومكانتهم ويكون هو كلّ شيء، وما عرفوا أن الإسلام يزيد العزيز عزةً والكريم كرامةً، فقال تعالى عن هؤلاء وعن هذا الإنسان: ﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ﴾ الإنسان قبل دخول مدرسة الإيمان وقبل أن يستلمه طبيب القلوب والعقول والنفوس، ﴿لَيَطْغَى﴾ يتجاوز الحدود مما له إلى ما ليس له ومِنْ العدل إلى الظلم ومِنْ تقبُّل الحق ورفض الباطل إلى التمسُّك بالباطل ورفض الحق والحقيقة.

قانون هزيمة الباطل:
ولكن قانون الله في هذا الوجود:

وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ ۚ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا (81)
[سورة الإسراء]

أَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَدًا رَّابِيًا ۚ وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغَاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتَاعٍ زَبَدٌ مِّثْلُهُ ۚ كَذَٰلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْبَاطِلَ ۚ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً ۖ وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ ۚ كَذَٰلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ (17)
[سورة الرعد]

(فَأَمَّا الزَّبَدُ) رغوة السّيل (فَيَذْهَبُ جُفَاءً) لا بقاء له (وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ) الماء تحت الرغوة (فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ ۚ كَذَٰلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ) يعني أيها المُحِب وأيها المؤمن لا تخَفْ مِنْ مقاومة رسالتك ودعوتك وتعاليمك مهما كثُرَ أعداؤك فاصمد فإن العاقبة للمتقين، وهكذا كانت العاقبة لرسول الله وللمؤمنين ولكن لا بدَّ مِنْ تحمُّل المشقَّات والمقدِّمات كشأن كلِّ شيءٍ في الحياة، لا تقطِفُ الثمرة حتَّى تصبر زمناً محدداً على غرس الشجيرة سنةً واثنتين وأكثر.. ﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى﴾ فطَغوا على النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم بكلِّ أنواع الإيذاء بالسباب والتزوير والتشويه وبعض الأوقات بالضرب إلى أن انتهى بالمقاطعة إلى أن انتهى الأمر بالحرب والقتال، ولكن قانون الله الذي لا يتغيَّر:

الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ ۗ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا ۗ وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40)
[سورة الحج]

فمَنْ مشى على قانون الله عرَفَ كيف يمشي بالحكمة والعِلم والفَهم وبالأخلاق والاستقامة:

وَعْدَ اللَّهِ ۖ لَا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (6)
[سورة الروم]

في كلِّ زمانٍ ومكان.

نتيجة الطغيان على النبي الكريم:
﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى﴾ طغوا على النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم وأصحابه استغناءً بباطلهم عن الحقيقة والحق، وبجهلِهِم وجاهليَّتهم عن العِلم والمعرفة وبأهوائِهم وأنانيَّتهم عن برنامج السماء ولكن نصَرَ الله وحقق وأنجز وعده ونصَرَ عبده وهزَمَ الجيوش وحدَه لا شيء قبلهُ ولا شيء بعده، ﴿كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (6) أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى (7) إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى﴾ أيها الطاغي لا تغترَّ بقوَّتك ولا بثروتك ولا باستعلائك في الدنيا فأمامك رجعةٌ لله ولمحكمة الله، فإن بقيت على ما أنت عليه ستُساق سياق المجرمين إلى محكمة الجنايات شهودها الأرض والسماء، تشهد عليك بقاع الأرض بما عملت عليها وتشهد عليك جوارحك وأعضاؤك والحفَظَة مِنَ الملائكة الذين يُسجِّلُون أعمالَك ولا يوجد محامٍ ولا فدية، فماذا يكون مصيرك؟ فاتقِ الله وارجِع عن غيِّك وطغيانك وجَورِك إلى الصراط المستقيم.
ثم قال تعالى تصويراً للمعركة التي وقعت: ﴿أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى (9) عَبْدًا إِذَا صَلَّى﴾ كان مِنْ جملة قادة معركة الظلام والظلمات والكفر والجاهلية والجهالات أبو جهل، كانت كنيته أبا الحكم، وتعني أبو العقل والحكمة، لكن إذا وقف في طريق برنامج الله وإذا وقف الإنسان ليصُدَّ النَّاس عن سبيل الله ستتغيَّر أحواله مِنَ الربح إلى الخسارة ومِنَ العزِّ إلى الذُّل ومِنَ الربح للخُسران، فبُدِّلَت كنيته مِنَ أبي الحكم إلى أبي جهل، وكان يُعذِّب المسلمين حتَّى كناه النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم بفرعون هذه الأمة، ولكن فرعون ماذا كان مصيره؟ الغرق، كذلك في معركة بدر أُتيَ برأس أبي جهل مقطوعاً وألقيَ بين قدمي رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فقال: (الحمد لله الذي أهلك فرعون هذه الأمة)، ولذلك قال بعضهم:
كلُّ عصرٍ فرعَون فِيه ومُوسى وأبو جهلٍ في الوَرى ومُحمَّد
{ منقول }

إن تعلمت وعلمت فأنت مُحمَّدي:
فإذا كنت تتعلَّم وتُعلِّم فهذا نيابةً عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فأنت مُحمَّدي، وإذا كنت تقاوم العِلم والدعوة والتعلُّم والدُّعاة فأنت جهليٌّ وأبا جهلِ زمانك، وغاظَ أبا جهلٍ أن يرى النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم يُصلي عند الكعبة المشرفة، والكعبة هي المسجد الذي بناه سيِّدنا إبراهيم أبو الأديان الثلاثة، أبو موسى عليه السَّلام وعيسى المسيح عليه السَّلام وأبو سيِّدنا مُحمَّد صلَّى الله عليه وسلَّم، فهدَّد النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم إذا رآه يُصلي عند الكعبة ليطأنَّ ويدعس عُنق النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم بنعله، وليُعفِّرَنَّ وجهه بالتراب، يدعس على رقبته ويضع التراب على رأسه ووجهه، فلما هدَّد النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم بذلك النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم كذلك أجابه بما يتناسب مع كُفره وجبروته، فقال للنبي: أتهدُّدني؟ لآتينَّك بكلِّ أنصاري في النادي الذي كان منسوباً لأبي جهل، أما علِمتَ أني أكثر أهل الوادي وأعظمهم رجالاً وأنصاراً؟ فأنزل الله في آخر السورة: ﴿فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ﴾ يُنادي جماعَته ﴿سَنَدْعُ الزَّبَانِيَةَ﴾ نحن أيضاً عندنا جيشٌ إلهي، وقال النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم: لئن دعا نادِيه لتأخُذَه الزبانية علانية، تتدخل الملائكة بشكلٍ علنيٍّ ويأخذونه عضواً عضواً.

لا يستطيع أحد أن يطفئ نور الله بفمه:
فإذا كانت الوظيفة إلهيةً ربانيةً فلا يستطيع أحدٌ أن يُطفئ نور الله بفمه، إذا أراد أحدٌ أن يبصق على الشَّمس ليُطفئ شعاعها ماذا تكون النتيجة؟ يرجع بصاقه على وجهه، وهكذا فعل الله عزَّ وجلَّ بأبي جهلٍ وأشياعه وفي كلِّ زمانٍ ومكان، ولكن بشرط الاستقامة على مرضاة الله وأن نُعِدَّ عدة الدعوة مِنْ:

رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ ۚ إِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (129)
[سورة البقرة]

أي القرآن، سنقرؤه لا للتلاوة، هذا كتاب الثقافة والمدرسة والعِلم والفَهم، لتُحوِّل القرآن مِنَ الورق فتكتبه في صفحات قلبك وحياتك عِلماً تعلَمُه فتعمل به فتُعلِّمه للآخرين، عند ذلك يقال عنك أنك تعلَّمت القرآن، فهل فتَّش المسلم والمسلمة على مَنْ يُعلِّمه القرآن عِلماً وفهماً وعملاً وأخلاقاً ودعوةً وتعليماً؟

المسلم الحقيقي:
ومعنى المسلم هو الذي يستجيب لتعاليم الله، تعاليم الله هكذا تكون، فهل استجاب كلٌّ منّا لهذا المعنى؟ لنأخذ لقب المسلم صدقاً، فإذا أخذت لقب وزير صدقاً كلُّ النَّاس يُعظِّمونك ويُكرِّمونك، وإذا أخذت لقب مليونير صدقاً وحقيقة ولك في البنك الملايين فكلُّ النَّاس يحترمونك.. وإذا كانت زوراً وبهتاناً تكون هزءاً وسُخرية لكلِّ مَنْ يسمعك أو يراك، فالمسلمون الآن يا تُرى هل هم مُستجيبون؟ ولو استجابوا ألا يجب أن يكون هم الأعزَّة العظماء وقادة العالَم كما كان أسلافهم مِنْ قبل؟ ولم يتخرَّجوا من أوكسفورد ولا من جامعات أوروبا، كانوا خريجي المسجد الجامع لا الجامعة، الجامعة أنثى، الديك أعظم أم الدجاجة؟ الكبش قائدٌ أم الغنم؟ الطاووس أجمل أم زوجته؟ فكان الجامع وكانت معه الجامعة، فالجامع هو علوم السماء والجامعة علوم الأرض.
فكان المسجد برنامجه:

وَمِنْهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (201)
[سورة البقرة]

علومُها وأعمالها الحسَنة، السياسة والتجارة والصناعة والوحدة والنضال والتعليم الإجباري، النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم يقول:

{ ليسَ منِّي إلَّا عالِمٌ أو مُتعلِّمٌ }

[مسند الفردوس للديلمي]

إذا لم يكن لديه عِلمٌ تُسحَبُ منه جنسية الإسلام ولا يحمل هذا الاسم إلا زوراً وبهتاناً إن لم يكن إما مُعلِّماً أو جاهلاً مُتعلِّماً، فالله عزَّ وجلَّ ذكر بعدما أن يصبح في مقام العِلم معركة الجهل لتنتقل إلى العِلم، تنتقل لمعركةٍ أوسع وهي معركة العلماء مع الجهلاء ومعركة الهادين مع الضالّين، معركة المُتقين مع المُستكبرين.
الله يصف لنا المعركة الأولى للنبي صلَّى الله عليه وسلَّم لنَمتثَّلَها في كلِّ زمان ومكان، القرآن يجب أن تُحوِّلَه مِنْ قراءةٍ وفهمٍ إلى واقعٍ وعملٍ كما حوَّله النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم مِنْ كلماتٍ وألفاظٍ وتلاوةٍ إلى واقعٍ وعملٍ ونضالٍ وبناء الإنسان الفاضل بالأخلاق الفاضلة والحب والعِلم.

المستكبر ينهى عن الصَّلاة:
قال: ﴿أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى (9) عَبْدًا إِذَا صَلَّى﴾ مَنْ الذي ينهى؟ أبو جهل، ومَنْ الذي صلَّى؟ النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم، يقول هل رأيت هذا الأحمق المجنون الذي ليس له عقلٌ ولا فهمٌ ولا أخلاق، فكِّر فيما يدعوك إليه النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم، هل فكرت؟ ما فكَّر إلا في:

بَلْ قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَىٰ آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ (22)
[سورة الزخرف]

(عَلَى أُمَّةٍ) أي على ملّة، القرآن بماذا أجابهم؟ قال:

قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُم بِأَهْدَىٰ مِمَّا وَجَدتُّمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ ۖ قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُم بِهِ كَافِرُونَ (24)
[سورة الزخرف]

إذا كنت تركب الحمار ووالدك كان يركب الحمار والله بعث لك سيارةً حديثةً فهل تقول: إنا وجدنا آباءنا على حمارٍ وإنا على ظهرها راكبون؟ فهذا اسمه التقليد الأعمى، فالإسلام وضع برنامج للمسلم أن يكون في كلُّ يومٍ أرقى وأكثر عِلماً وتقدُّماً، أن يكون اليوم خيراً مِنَ الأمس وغداً خيراً مِنْ اليوم.

{ مَنِ استوَى يوماهُ فهوَ مغبونٌ ، ومَنْ لم يكُن يومُهُ خيراً مِنْ أمسِهِ فهوَ محروم، ومَن لم يَكُنْ على الزيادةِ فهو في النُّقْصانِ , ومن كان في النُّقْصانِ فالموتُ خيرٌ له (3) }

[حلية الأولياء لأبي نعيم]

هذا لا يستحق الحياة.. فأين المسلمون مِنْ حديثٍ واحدٍ مِنْ أحاديث رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم؟ أين المعلِّم وأين مَنْ يُقدِّر العِلم ويُكرِّمُه بكلِّ أنواع التكريم عاطفةً وعملاً وإمكاناً وطاقةً، فجُدُّوا واجتهدوا، النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم وهو المسلم الأول انطلق وابتدأ مِنْ لا شيء، فبصدقه وإخلاصه واستجابته لربِّه:

فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ (7)
[سورة الشرح]

( َإِذَا فَرَغْتَ) لا تبقَ فارغاً ومُعطَّلاً عن العمل، لم يقل فاعمل بل قال: (فَانصَبْ) يعني اعمل عملاً مضاعفاً ولو تحملت فيه كلَّ النَّصب والتعب، فلا بدَّ للمعالي:
ومَن رامَ العُلا مِن غيرِ كدٍّ أضاعَ العُمر في طلبِ المُحال
{ الإمام الشافعي }

الدعوة في عصرنا الحالي:
﴿أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى (9) عَبْدًا إِذَا صَلَّى﴾ حرية المعتقد، هذا العصر الآن مِنْ أحسن العصور، قبل مئتي سنة لم يكن أحدٌ يستطع أن يقوم بدعوةٍ في أوروبا وأمريكا، كان هناك تعصبٌ ديني، الآن يقولون تعالوا وعرِّفونا بالإسلام، وليُّ عهد بريطانيا في السنة الماضية أخرج بياناً يُدافع عن الإسلام ويُعرِّف بالإسلام وهو وليُّ عهد بريطانيا، فكبار الفلاسفة من الأوروبيين يعتنقون الإسلام ثم يُؤلفون الكتب للتعريف بالإسلام والدفاع عنه، فأين عمل المسلمين في أداء واجبهم الإسلامي تعلُّماً وتعليماً ومعرفةً وتعريفاً؟ الصغير والكبير والرجل والمرأة هذا واجب الجميع، طلب العِلم فريضة على كلِّ مسلم ومسلمة.

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:

وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ۚ أُولَٰئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (71)
[سورة التوبة]

(وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ) كتلةٌ واحدةٌ وجسدٌ واحد (يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ) أينما رأوا النقص والتخلُّف والتكاسُل يشدّون الهمم ويُزيلون المنكر وبالحكمة والموعظة الحسنة وبمنتهى الرِّفق والحنان والمحبة كما يعالج الطبيب مريضه، إن كان طفلاً لا يجعل دواءه بشكلٍّ مرّ، يجعله فيه سكراً، والشراب يجعل فيه سكراً، وإذا كان جرّاحاً يُعطيه مخدراً لكي لا يتأذَّى بالألم، فهذا واجب كلِّ مسلم ومسلمة.
لكن كيف سيكون الإنسان نجاراً دون أن يرى النجارين ولا يُصاحبهم ولا يكون مُلازماً لمدرستهم؟ المسلم أين هو وأوقات فراغه؟ أين مُعلِّمه ومَنْ هو مُؤدِّبُه ومَنْ الذي علَّمه الحكمة؟ الإسلام يُعلِّمهم الكتاب والحكمة، هل تعلَّمت الحكمة؟ لا تزال لا تعلم ما هي الحكمة وتقرأ القرآن في رمضان خمس وست مراتٍ وختماً وتتباهى بأنك قرأت الكمبيالية خمسمئة مرة ولا يوجد في بيتك حتَّى الخبز الجاف، فالذي يراك تقرأ الكمبيالية، بالسهرة تقرؤها وبالباص تقرؤها وأنت تمشي تقرؤها وأنت عارٍ من الثياب وحافي القدمين مِنَ النعل، وتقرأ: ادفعوا لحامله مئة ألف دولار، فالنَّاس إذا سمعوا كلامك ورأوا حالك ماذا يقولون عنك وماذا أنت في الواقع والحقيقة؟ احذروا وانتبهوا أن تكونوا مثل هذا الإنسان.

في كل مكان يوجد المعلم ويوجد من ينهى عنه:
﴿أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى (9) عَبْدًا إِذَا صَلَّى﴾، هذه الآية لأبي جهلٍ والنبي، لكن في كلِّ مكانٍ وزمانٍ يوجد مَنْ ينوب عن النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم في مقام تعليم الكتاب والحكمة وتزكية النفوس، مع ذلك يوجد أيضاً أبو جهلٍ يُعارض ويُعرقِلُ ويُشوِّه ويصُدُّ عن سبيل الله مَنْ آمن، فيجب أن نكون حذرين ومسلمي العِلم والعمل واليقظة لا نكون الأغبياء ولا الجهلاء.
﴿أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى (9) عَبْدًا إِذَا صَلَّى﴾ ما أجهَله وأظلَمَه وأحمَقه، ما لكَ ولَه؟ ليُصلي، لكن الشيطان مِنْ شأنه أن يُخرِّب ويُهدِّم ويعمل الخلل في كلِّ عملٍ مِنْ أعمال الخير أو مَنْ يدعو إلى عمل الخير.
﴿أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى﴾ الذي يصلي وهو النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم ﴿أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى﴾ أيصحُّ عقلاً وأخلاقاً وإنصافاً وحريةً أن تتداخل في شؤون غيرك؟ إذا أردت عبادة الأحجار فاعبدهم، لكن ما لكَ ولغيرك؟ ﴿أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى﴾ نهى عن الصَّلاة وعَمِلَ على تخريب عمل المُصلحين والبنائين الذين ينقلون النَّاس مِنَ الجهل والجاهلية والخرافة إلى الحقيقة والعزَّة والقوَّة، مِنَ الفقر إلى الغنى ومِنَ الفرقة إلى الوحدة ومِنَ الضعف للقوة ومِنَ الاستعمار ليقودوا معركة حرية شعوب كلِّ العالَم مِنَ الجهل والفقر والاستعمار، ليحرروا العالَم وبالحكمة والموعظة الحسنة كالطبيب مع المريض لا كالجلاد مع المُجرم، تنظر للناس أنهم مجرمون ولأنفسنا أننا الجلادون، فالمريض إذا كُسِرَت قدمه فجلدناه خمسين جلدةً على القدم الأخرى هل تُشفَى القدم المكسورة؟ كثيرٌ مِنَ النَّاس يُسيئون التصرُّف في التعليم والدعوة والإرشاد فتنعكس الأمور بعكس ما يجب أن تكون عليه.

الأمر بالتقوى:
﴿أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهَى (9) عَبْدًا إِذَا صَلَّى﴾ فما رأيكم هل تكون مِنْ أهل هذه الآية أم مِنْ الآية الثانية: ﴿أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى﴾؟ لا يكفي أن تكون على الهدى، يجب أن تنتقل للمرحلة الثانية: ﴿أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى﴾، هذا فرضٌ عليك:
(يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ) هل تأمر بالمعروف إذا رأيت شخصاً تاركاً واجباً أينما كنت وبالحكمة والموعظة الحسنة؟ أنت أدَّيت الواجب، أما هو امتثَل واستجاب أو لم يمتثِل فهذه مسؤوليته، أما أنتَ فقد أدَّيت مسؤوليتك، هذا مثل فرض صلاة الظهر.

أنواع الجهاد:
أركان الإسلام كم؟ خمسة، وفي روايةٍ أركان الإسلام ثمانية: الخمسة المعهودة والثلاثة تكملة الثمانية: والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر -كم صاروا؟ سبعة، والثامنة- والجهاد في سبيل الله، الجهاد له ثلاثة أنواع، الجهاد الأكبر أن تُجاهِدَ نفسك لأن النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم يقول:

{ أَعْدَى عَدُوَّيْك نفسُك التي بين جَنْبَيْكَ (4) }

[اعتلال القلوب للخرائطي]

تدفَعُكَ لتفعل ما يُؤذيك في أكلك وشربك ومعصية الله، هذه ألا يجب أن تُجاهدها؟ وسمَّى الجهاد والانتصار عليها الجهاد الأكبر، والقتال مع العدو الجهاد الأصغر هذان نوعان، والجهاد الثالث الجهاد الكبير: تقوم وتُعلِّم النَّاس وتُرشدهم وتُرغِّبُهم بطاعة الله وتُحذِّرُهم مِنْ معصية الله، هذا جهادٌ كبير، والأمر بالمعروف والنهي صاروا سبعة، والثامنة- والجهاد بأنواعه الثلاث، الجهاد الأصغر: الحرب هذا مِنْ شأن الدولة ليست مِنْ شأن الأفراد في عصرنا الحاضر، بذلك تكون مسلماً.

خير أمتي أولها وآخرها:
وبذلك يُعاد بناء الإسلام ويتجدَّد بناؤه وتتحقَّق بشارة النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم عندما يقول:

{ خِيارُ أُمَّتي أَوَّلُها، وآخِرُها نَهْجٌ أَعْوَجُ، ولَيْسُوا مِنِّي، ولَسْتُ منهم }

[شرح مشكل الآثار]

(خِيارُ أُمَّتي أَوَّلُها) ثقَّفوا نصف العالَم القديم وجعلوهم أسرةً واحدةً لا رفاقاً، جعلوهم إخوةً مع بعضهم البعض إنما المؤمنون رفاق أم إخوة؟ الرفيق متى ما وصلت في السفر كلُّ واحدٍ يذهب لطريقه، أما الإخوة فحقوق الإخوة كما قال النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم:

{ لَا يُؤْمِنُ أحَدُكُمْ، حتَّى يُحِبَّ لأخِيهِ ما يُحِبُّ لِنَفْسِهِ (5) }

[صحيح البخاري]

(خِيارُ أُمَّتي أَوَّلُها ، وآخِرُها نَهْجٌ أَعْوَجُ)يعني الوسط قال هذا أعوَج (ولَسْتُ منهم) أيها المؤمن ستتبرَّأ منه (ولَيْسُوا مِنِّي)(6) ليس مِنْ شأن المؤمن أن يكون نموذجاً للوسط الأعوَج، فهل أنتم مُستعدون لتكونوا خير أمّتي آخرها؟ في أوَّلها كان هناك منافقون وكسالى ومتخلِّفون وأشكالٌ وألوانٌ.. وكان يوجد الصديقون والسابقون الأولون ويوجد مهاجرون وأنصار، هل أنتم مُستعدون أن تكونوا مِنْ خير آخرها؟ بهزِّ الرؤوس ونعم بالجامع أم في خارج الجامع بالقول والعمل وذكر الله وباقرأ وبالقلم، اقرأ تعلَّم لنفسِك وبالقلم علِّم غيرك، بالكتابة وبكلِّ وسائل التبليغ والتعليم.

صبر النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم وأصحابه على الأذى:
﴿أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ عَلَى الْهُدَى (11) أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَى﴾ أهذا يُنهى إذا صلَّى ويُوطَأ على عنقه ويُعفَّر وجهه بالتراب؟ وأوذي النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم ولا بدَّ مِنَ الإيذاء، ومرةً وقع حجر على رجله في حفر الخندق أو غيره فصار يقول:

{ هلْ أَنْتِ إلَّا إصْبَعٌ دَمِيتِ، وفي سَبيلِ اللَّهِ ما لَقِيتِ }

[صحيح مسلم]

وعثمان بن مظعون في بعض اللقاءات النضالية مع الوثنيين عبدة الأصنام كان عمره فوق الثمانين وكان أعرجاً، فقال لأولاده: هاتوا السلاح وهيؤوا الفرس، لماذا؟ ليُقاتِل، فقالوا: يا والدنا نحن سبعة وكلنا مجاهدون، شكوه للنبي ¬-وهو أعرج- فاستدعاه النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم وقال له: أنت ليس عليك مِنْ حرجٍ إذا لم تذهب إلى الجهاد، فقال: يا رسول الله! إني أطمع أن أطَأ الجنة بعرجتي هذه، فالنبي قال لهم: دعوه، واستُشهِد في المعركة، ورآه النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم بقوَّة الروح، قال: رأيت عثمان بن مظعون يدخل الجنة بعرجته كما طلب ورغِب واشتهى، لكن متى ما دخل للداخل لا يوجد خروج، هذا الشَّيخ الهرِم العجوز الأعرج، لكن إيمانه لم يكن شيخاً ولا عجوزاً ولا هرِماً، والآن نرى شاباً قوياً وغنياً بكلِّ الإمكانات ونراه مُقعَداً لا أعرج، للإسلام أعرج ومُقعَد وبلا حركة، ولغير الإسلام تراه مثل النشّاب، لا جعلنا الله مِنْ هؤلاء وجعلنا مِنْ:

مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ۖ فَمِنْهُم مَّن قَضَىٰ نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ ۖ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا (23)
[سورة الأحزاب]

لماذا لم أُرزَق الشهادة؟

عودة العرب إلى عزهم:
الآن لا توجد حاجةٌ لا لقضى نحبه ولا لينتظر، الكلمة الطيبة وبالحكمة والموعظة الحسنة ولكن ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ﴾ ﴿الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ﴾ بالجناحين يعود العرب لعزَّتهم ووحدتهم وكرامتهم وتكون لهم الكلمة العليا، وكما قال عمر لأبي عبيدة رضي الله عنهما: نحن قومٌ أعزَّنا الله بالإسلام، ما معنى هذا؟ يعني بالاستجابة لنداء وأوامر الله وبالعمل بما أوجَب الله، هذا الإسلام، أما كلمة إسلام ولا تزال لا تفهم معناها، إذا سألك رجل: ما معنى الإسلام؟ تقول: الإسلام! ما معنى الطنجرة؟ الطنجرة، هل هي خشبةٌ أوحطبة؟ لا يعرف، ما معنى الإسلام؟ لا يعرف، هل أنت استجبت لكلِّ نداءات الله؟ هل نفَّذت كلَّ أوامر الله؟ بقدر ما تستجيب وتُنفِّذ يكون إيمانك وإسلامك.

الحياة معركة بين الحق والباطل:
﴿أَرَأَيْتَ إِن كَانَ عَلَى الْهُدَىٰ (11) أَوْ أَمَرَ بِالتَّقْوَىٰ (12)﴾ هذا يُنهى ويُزجَر ويُعادى ويؤذى؟ لكن هذا شأن الحياة معركةٌ بين العِلم والجهل وبين الحق والباطل وبين الصدق والكذب وبين الكفر والإيمان، ﴿أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى﴾ يُكذِّب أنبياء الله ويتولَّى ويُعرِضُ عن طاعة الله، ﴿أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى﴾ هذا كلُّه مُسجَّلٌ عليك، أبو جهل ذهب، يا ترى أبو جهل زماننا.. أفلا يوجد مَنْ ينهى عبداً إذا صلى؟ ألا يوجد مَنْ يُهدد مَنْ كان على الهدى أو أمَر بالتقوى، ليس مِنَ الشرط أن يطأ على رقبته بل يؤذيه بكلِّ أنواع الإيذاء، هذا خليفة أبي جهل، كلُّ مَنْ يقف في طريق هداية النَّاس وإيمانهم وتقواهم لله وإحياء القرآن كما أمَر القرآن.

النصر للمؤمنين في النهاية:
الله تعالى قال لموسى وهارون:

اذْهَبَا إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ (43) فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَىٰ (44)
[سورة طه]

(اذْهَبَا إِلَىٰ فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَىٰ) الطاغية (فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَّيِّنًا) ليس مِنَ الشرط أن يستجيب (لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَىٰ)، ﴿أَرَأَيْتَ إِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى (13) أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى﴾ وإذا كان يرى هل يُشاهد فقط ويتفرَّج عليك أم سيفعل شيئاً؟ ماذا سيعمل؟ سيعمل ما أوجبه على نفسه:

وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ رُسُلًا إِلَىٰ قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَانتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا ۖ وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ (47)
[سورة الروم]

وليس شرطاً أن يكون النصر بالسلاح، هذا العصر يمتاز عن كلِّ العصور السابقة بحرية المعتقد، تذهب لباريس هل يقول أحدٌ لك أنا أطَأ بنعلي على عنقك وأُعفِّرُ وجهك؟ لا، يقول ماذا لديك؟ محطات الإذاعة في البلاد الاجنبية تُذيع القرآن والإسلام، فلو وُجِدَ الدعاة الأكفّاء والله ليصيرنَّ العالَم بلداً واحداً وليصيرنَّ القرآن دستور العالم.
كيف أعزَّ الله العرب؟ العرب لولا الإسلام لما كان أحدٌ الآن يتكلم باللغة العربية، مَنْ حفِظَ اللغة العربية والعروبة؟ اللغة اللاتينية صارت عشرين لغةً ولا أحد يستطيع أن يفهم الآخر، الآن اذهب من الخليج إلى المغرب كلُّهم يتكلَّمون لغة القرآن، الذي حفِظَ قوميتنا وعروبتنا وصنع تاريخنا ونقلنا من الظلمات إلى النور ومِنَ اللا شيء كنا منسيين في العالَم إلى أن جعلنا غُرَّة وجمال التاريخ والإنسانية والعِلم، ألا يجب أن نعود إلى أصولنا الماجدة؟ ولكن لا بدَّ مِنَ الدليل والمُعلِّم، فكلُّ واحدٍ منكم يُعلِّمُ ما علِمَه لعلَّ الله أن يُعطينا لقب الأجود يُحشَرُ أمّةً وحده.

الله عزَّ وجلَّ يرى ويحاسب:
﴿أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى﴾ وإذا رأى الله هل سيسكت عن انحراف المنحرف؟ والطاغية هل يتركه الله بطغيانه؟ ألا يأتي وقتٌ يحدده الله بحكمته سينتقم الله فيه منه ويُقاصِصُه؟ لما موسى وهارون دعوا على فرعون قال الله:

قَالَ قَدْ أُجِيبَت دَّعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا وَلَا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ (89)
[سورة يونس]

(فَاسْتَقِيمَا)على دعوتكما، يُقال ويُروى بين دعائهم وغرَق فرعون كانت المدة أربعين سنة، إن الله لا يَعجَلُ لعجلة أحدكم، من أسماء الله الحليم، وفي حديث رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم مما ورد في الأثر:

{ ليس أحَدٌ أصْبَرَ على أذَىً سَمِعَهُ من اللهِ تعالى ، إِنَّهُمْ لَيدْعُونَ له ولدًا ، و يَجعلُونَ لهُ أنْدادًا ، و هو مع ذلِكَ يُعافِيهِم و يَرزُقُهمْ }

[صححه الألباني]

(ليس أحَدٌ أصْبَرَ على أذَىً سَمِعَهُ من اللهِ تعالى) إذا آذاك رجلٌ فسبَّك وتعدَّى عليك في مالٍ وبدنٍ وكذا تنتقم، الله قال النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم: (ليس أحَدٌ أصْبَرَ على أذَىً سَمِعَهُ من اللهِ تعالى ، إِنَّهُمْ لَيدْعُونَ له ولدًا ، و يَجعلُونَ لهُ أنْدادًا ، و هو مع ذلِكَ يُعافِيهِم و يَرزُقُهمْ) يبعث له الأولاد ويُعطيه البيت والزوجة والسيارة والأموال ويحتاج قطع رقبة، يحتاج لا مئة عصا بل ألفاً، لنتخلَّقَ بأخلاق الله.

{ إنَّ للهِ تعالى مِائَةَ خُلُقٍ ، وسَبْعَةَ عَشَرَ خُلُقًا ، مَن أتاه بخُلُقٍ منها دخل الجنةَ (7) }

[ضعيف الجامع]

فإذا كان الله يرى فهذا يعني أن أعمالك مُسجَّلة:

وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ ۖ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً ۖ وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ (34)
[سورة الأعراف]

ووقت تنفيذ العقوبة أيضاً محدد، لنتُبْ إلى الله مِنْ تقصيرنا وخطايانا وذنوبنا بالعمل المتروك والواجب المُهمَل تعلُّماً وتعليماً وذِكراً وتذكيراً رَشَداً وإرشاداً، هذا فرض الفروض مثل صلاة الظهر والعصر، والأجرة ما أعظمها إذا كانت مِنْ عظيمٍ وكريم.

{ لأنْ يهديَ اللهُ على يديْكَ رجلًا خيرٌ لك مما طلعتْ عليه الشمسُ وغربتْ (8) }

[المعجم الكبير للطبراني]


وارث النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم اليوم:
النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم يقول فهل يقول خطأً أو غير صادق وهو الصادق المُصدَّق؟

وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ (4)
[سورة النجم]

﴿أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى﴾ فإياكَ أن تكون أبا جهلٍ أو مناصراً لأبي جهلٍ أو جليساً له، وما أكثر أبي جهل في كلِّ زمانٍ وفي كلِّ مكان، وكذلك ما أكثر مِنْ وجود الوارِث، والله ليس الأكثر بل صار مِنَ القلَّة والندرة أن نجد مَنْ يُعلِّم النَّاس الكتاب القرآن لا يُعلِّمَك النطق بحروفه، شريط المُسجِّل ينطق بالقرآن وتعلَّم القرآن مِنْ مرةٍ واحدة، تُسمِعُه إياه مرةً واحدةً ولا ينساه في مئة سنة، وبأحسن التلاوة والتجويد، أما يُعلِّمُهم الكتاب نعلَم القرآن، سورة الكهف ماذا تعني؟

نَّحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُم بِالْحَقِّ ۚ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى (13)
[سورة الكهف]

فهل تعلَّمت مِنْ سورة الكهف أيها الشاب الفتى أن تتخلَّق بأخلاق شباب أهل الكهف؟ إذا سمعنا قصة موسى عليه السَّلام والخضر هل تتأدَّب مع مُعلِّمِك كما دعى الله نبيَّه وكليمَه موسى عليه السَّلام أن يتأدَّب مع مُعلِّمه الخضر؟ هكذا يُتعَلَّمُ القرآن ليُثمِرَ فينا ما أثمَره فيمَن تعلَّموه مِنَ المُعلِّم الأول سيِّدنا رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، وأنت أيضاً إذا عملت ما عمِله أبو جهل ﴿أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى﴾ ﴿إِنَّ إِلَى رَبِّكَ الرُّجْعَى﴾ لا بدَّ مِنَ المحكمة والمحاكمة.

تهديد الله تعالى لأبي جهل ومن على شاكلته:
﴿كَلَّا لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ﴾ إذا لم يتُب ويكُف﴿لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ﴾ الناصية هي الشعرات بأوَّل الرأس وهي المسماة بالغرَّة، والسَّفْع هو الجذب مِنَ الناصية على وجهه إلى جهنم، ﴿نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ﴾ هذا الكاذب الخاطئ الجهول الأحمق، ﴿فَلْيَدْعُ نَادِيَهُ﴾ يعتزُّ بجماعته؟ فإذا أراد النزول في معركةٍ مع الله سندعو الزبانية، وفي كلِّ وقتٍ هناك زبانيةٌ لله، فإذا أُتيَ رأس أبو جهل مقطوعاً فكذلك زبانية الله ما أكثرهم وعقوبات الله ما أفظعها.

التعلم من سورة القلم والعلق:
فلنتَّقِ الله ولنتعلَّم مِنْ سورة اقرأ والعلق أن نقتدي برسول الله في الدعوة لله والصبر في ميدان الدعوة ونبنيَ قوتنا الروحية بالذِّكر وقوتنا العلمية مِنْ طريق القلم، العِلم والذِّكر، اللهم آتِ نفسي تقواها، وزكِّها أنت خير مَن زكاها، أنت وليُّها ومولاها، ولا تسأل عن أبي جهل ﴿وَاسْجُدْ﴾ ألا يُهددك إذا سجدت أن يدوس على رقبتك؟ سيُداس على رقبته وستُفصَل رقبته عن جسده، واقترِب وكما يقول النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم:

{ أَقْرَبُ ما يَكونُ العَبْدُ مِن رَبِّهِ، وهو ساجِدٌ، فأكْثِرُوا الدُّعاءَ (ix) }

[صحيح مسلم]

فأكثروا من السجود وأطيلوا السجود وأكثِروا الدعاء فيه، اللهم اجعلنا مِنَ الذين يستمِعُون القول فيتَّبعون أحسنه، وصلَّى الله على سيِّدنا مُحمَّد وعلى آله وصحبه، والحمد لله رب العالمين.

قتال اليهود:
يوجد شيءٌ يعني هو يُعتَبَرُ حديث الساعة، يقول النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم:

{ لا تَقُومُ السَّاعَةُ حتَّى يُقاتِلَ المُسْلِمُونَ اليَهُودَ، فَيَقْتُلُهُمُ المُسْلِمُونَ حتَّى يَخْتَبِئَ اليَهُودِيُّ مِن وراءِ الحَجَرِ والشَّجَرِ، فيَقولُ الحَجَرُ أوِ الشَّجَرُ: يا مُسْلِمُ يا عَبْدَ اللهِ هذا يَهُودِيٌّ خَلْفِي، فَتَعالَ فاقْتُلْهُ، إلَّا الغَرْقَدَ، فإنَّه مِن شَجَرِ اليَهُودِ }

[صحيح مسلم]

(لا تَقُومُ السَّاعَةُ) يعني القيامة، هناك روايتان: روايةٌ تقول: (حتَّى يُقاتِلَ المُسْلِمُونَ اليَهُودَ) والأخرى: (حتَّى يُقاتِلَكم اليهود)، الروايتان صاروا، فمرةً هاجمناهم في سنة ثلاث وسبعين ومرةً هاجمونا فس سنة سبع وستين، ودائماً المعركة قائمة، هذه مِنْ معجزات النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم، اليهود متفرِّقُون كيف سيقاتلون العرب، الدولة الأموية والعباسية والعثمانية، وإذ يُقاتلوننا الآن، لماذا؟ لأننا جهِلنا الإسلام وبَعُدنا عن إسلام العمل والعِلم والتعليم، لكن النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم يقول: (لا تَقُومُ السَّاعَةُ حتَّى يُقاتِلَ المُسْلِمُونَ اليَهُودَ فَيَقْتُلُهُمُ المُسْلِمُونَ) النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم يُبشِّرُ أن العاقبة والنصر للعرب والمسلمين، (حتَّى يَخْتَبِئَ اليَهُودِيُّ مِن وراءِ الحَجَرِ والشَّجَرِ، فيَقولُ الحَجَرُ أوِ الشَّجَرُ: يا مُسْلِمُ يا عَبْدَ اللهِ هذا يَهُودِيٌّ خَلْفِي، فَتَعالَ فاقْتُلْهُ، إلَّا الغَرْقَدَ)(x) هذا النوع مِنَ الشجر يعتني به اليهود كثيراً (فإنَّه مِن شَجَرِ اليَهُودِ).

ضرورة اتحاد العرب:
ومع الأسف وعميق الأسف كان يجب أن يكون العرب كتلةً واحدة، أما أن يتفرقوا في الوقوف تجاه اليهود كلُّ دولةٍ بشكل غير الدولة الأخرى فأين أصبحت العروبة وكلمة العروبة وأين القومية؟ مَنْ الذي كرَّمَ القومية العربية؟ ومن الذي حفِظَ العروبة أربع عشر قرناً؟ النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم يقول في فضيلة العرب:

{ حُبُّ العربِ إيمانٌ، وبغضُهم كفرٌ، ومَن أَحَبَّ العرب فقد أَحَبَّنِي، ومَن أَبْغَضَ العربَ فقد أَبْغَضَنِي }

[المعجم الأوسط للطبراني]

(حُبُّ العربِ إيمانٌ، وبغضُهم كفرٌ) وفي رواية (وبُغضُهُم نفاق)، (ومَن أَحَبَّ العرب فقد أَحَبَّنِي، ومَن أَبْغَضَ العربَ فقد أَبْغَضَنِي)(xi)، الذين يُنادون بالعروبة القوميات هل استطاعوا أن يخدموا العروبة كما خدَمَها الإسلام؟ مِنْ مشارِقِ الأرض إلى أندونيسيا العرب قوميتهم مُقدَّسة؟ أنت مِنْ بلاد العرب؟ يتبارَكون بكَ لأنك مِنْ بلد النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فما أحرانا أن نعتني بالإسلام اعتزازاً وعِلماً وتعليماً ودعوةً، وإن شاء الله هذا آتٍ، وما أحرى العرب أن يكونوا أمّةً واحدةً وصفاً ورأياً واحداً.

لم يبق في المعركة اليوم إلا سوريا:
لم يبقَ في المعركة إلا سوريا بقيادة رئيسها، أسأل الله أن يَحفظه ويُؤيده بجنودٍ مِنَ الأرض والسماء:

لِّيَجْزِيَ اللَّهُ الصَّادِقِينَ بِصِدْقِهِمْ وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ إِن شَاءَ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا (24)
[سورة الأحزاب]

ونحن الآن في الواقع في معركةٍ صليبيةٍ استعماريةٍ وشرسة، أتت الصليبية عبر أكثر مِنْ ثلاثمئة سنة، واتحدت الصليبية مع اليهودية، الذي دفع اليهود إلى فلسطين عاملان ودافعان: العامل الأول عامل صليبي، فكنائس أمريكا حسب ما يقرؤون في إنجيلهم بأن المسيح سينزل في آخر الزمان ويقول إنجيلهم أنه لا ينزل مِنَ السماء ويحكم ألف سنةٍ إلا إذا تجمَّع اليهود في فلسطين، هل انتبهتم؟ فبدأت الكنيسة الأمريكية مِنْ ثلاثمئة سنة تبثُّ الدعاية بين اليهود ليُهاجروا إلى فلسطين، فالذي قام ببناء الدولة في الأصل من؟ الكنيسة البروتسنتية الأمريكية، واليهود ليست لديهم هذه الرغبة، فبدأ العمل مع الصليبية الأمريكية البروتسنتية، ثم بعد ذلك استجاب اليهود ورأوا فيها شيئاً يُرضي مطامعهم، فاشتركت اليهودية الصهيونية مع الكنيسة الأمريكية البروتسنتية وحصل الذي حصل كما هو معلوم، وليَصدُقَ حديث النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم: (لا تَقُومُ السَّاعَةُ حتَّى يُقاتِلَ المُسْلِمُونَ اليَهُودَ).

المستقبل لنا:
لم يكن اليهود هناك تجمّعٌ حتَّى يقاتلهم المسلمون، المستقبل لنا، لكن لا يكون بما نحن فيه، إذا لم نرجع لإسلامنا عودة المُهر إذا سمِعَ صوت أمِّه الفرس، إذا لم نرجع هذا الرجوع للإسلام لا إسلام الاسم بل العِلم لنتعلَّم ونُفتِّش عن المُعلِّم، والحكمة لنُفتِّشَ عن الحكيم ونتعلَّم الحكمة، والتزكية لنُفتِّش عن المُزكِّي ليُزكِّي ويُطهِّر ويُهذِّبَ نفوسنا، أما الأماني:

{ ليس الإيمانُ بالتَّمَنِّي ولا بالتحلِّي ، ولكن هو ما وقر في القلبِ ، وصدقَهُ العملُ }

[ورد في الأثر]


الهجوم الشرس على الأمة العربية:
فالآن يوجد هجومٌ شرس ٌعلى الأمة العربية والمسلمين، يتهموننا بالإرهاب، يُقتَلُ واحدٌ يهوديّ فالعالَم الغربي كله بكلِّ وسائله الإعلامية يُهاجم العرب والفلسطينيين ويصفهُم بالإرهاب وإلى آخره.. ولما أخرجوا الفلسطينيين بمئات الألوف تعدِّياً على أموالهم وأراضيهم وقتلاً لرجالهم وأطفالهم وترميلاً لنسائهم وهروباً مِنْ بيوتهم، تركوا بيوتهم تحترق بكل ما فيها، وأمريكا وأوروبا لم يقولوا عنه إرهاباً، عندما يقتلون مجاهداً الآن فما ذنب أهله وأطفاله أن يهدموا بيت الآمنين والأطفال الأيتام والنساء الأرامل، هذا أليس إرهاباً؟ لا، بل أخلاقاً عاليةً وعدالةً إنسانيةً وحقوق الإنسان! وأوروبا يقومون بمؤتمر قمة في شرم الشَّيخ مِنْ أجل خمسين وستين يهودي، ولم يقوموا بمؤتمر قمّة لما قتلوا الألوف ولا يزالون يقتلون، ويُحاصرون الآن الضفة الغربية وغزة لا طعام ولا شراب ولا مُؤن، لا كلينتون ولا بريطانيا ولا أي دولةٍ تقوم مِنْ أجل الآلاف ومئات الآلاف وقرابة الخمسين سنة، وكلُّ يومٍ وكلُّ أسبوعٍ وكلُّ شهرٍ عدوانٌ على الأموال والأعراض والأرواح والأراضي سلباً ونهباً وتعدّياً، ويرسمون الخطة على برلمان الكنيسة أن حدود اليهود مِنَ النيل إلى الفرات، هذا ليس عدواناً ولا إرهاباً!.
وكلُّ يومٍ بيومٍ الظلم والعدوان بالتجويع والسجون والمحاصرات والسلب والنهب مثل المثل المشهور: (الذئب رأى الخروف بالحمام فقال له: لماذا تُغبِّر علي الحمام؟ والحمام كلُّه ماءٌ هل فيه غبار؟ فقال له: لا تقل تُغبِّر ولا تُغبِّر، إذا أردت أكلي فكلني) تريد التعدِّي والغصب والإجرام، هكذا وضع العرب لماذا؟ لأننا تركنا الإسلام عِلماً وتعليماً واستجابةً وسلوكاً وحكمةً وتزكيةً وأخلاقاً، المساجد ماذا يوجد فيها الآن؟ هل يوجد فيها التعليم تعليم القرآن؟ لا تعليم النطق بكلماته، الشريط يتكلَّم أحسن مِنْ نطقنا، تعليم فرائضه وواجباته وأخلاقه وسلوكه هذا هو تعليم الكتاب، الحكمة هل نتعلَّمها؟ يا تُرى ما فعلته العراق بالكويت هل هذا مِنَ الحكمة ومِنَ الإسلام؟ الحكمة مِنَ الإسلام، فبدلاً مِنْ أن يُسلِّط هذه القوى على الكويت فليُرنا قوَّته في فلسطين، كذلك لو في فلسطين النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم لم يكن يدخل في معركةٍ خاسرة، لا يدخل إلا معركةٍ مدروسةٍ مِنْ كلِّ نواحيها لتحقق النصر القطعي، الرأي قبل شجاعة الشجعان هو أولاً -الرأي والحكمة- وهي -الشجاعة والحرب- المحل الثاني، وهيئة الأمم ومجلس الأمن مِنْ يقوده؟ تقودُه الصليبية، مئات القرارات ومجلس الأمن لحقوق الفلسطينيين اهترأ الورق وانطمَر بالغبار ولا مَنْ يتحرك، مئات الألوف مِنَ اللاجئين هل أرجعتهم هيئة الأمم وهل نفَّذوا قرارات هيئة الأمم ومجلس الأمن؟ يضحكون علينا.

مجلس أمن المسلمين:
هيئة ومجلس أمننا أن نعود للإسلام، لا إسلام القول بل إسلام العالِم المُعلِّم المربِّي الحكيم المزكِّي، يجب ان نعمل كلَّ الطاقات على إيجاد هذا وأن يتلاقى الإسلام والسلطان كجناحين كما قال النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم:

{ الإسلامُ والسلطانُ أخوانِ توأمٌ (xii) }

[مسند الديلمي]

في الجزائر الإسلام والسلطان هل هما أخوان توأمان أم عدوّان متقاتلان؟ لماذا؟ الحاكم هو ابن البلد، كلِّمه بالحكمة، لن يقول لا، وليس شرطاً أن يستجيب لك مئةً على مئة، النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم عمَل الإسلام بيومٍ واحد؟ ألهَم الله السلطان والذين يقومون باسم الإسلام، ألهمنا الله جميعاً أن نعمل ما يجب أن نعمله وبالشكل الذي يجب أن يكون، فلذلك والوضع الذي نحن فيه لم يبقَ في المعركة إلا سوريا بقيادة رئيسنا، والله أن ليل نهار أدعو له، لأن الحمل صار ثقيلاً وسوريا محاطةٌ مِنْ كلِّ الجهات لكن:

الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِم بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ ۗ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا ۗ وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ ۗ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ (40)
[سورة الحج]

أنا أعرف رئيسنا شخصياً والصحبة بيننا مِنْ أربعين سنة لا مِنْ عشر سنين ولا خمسة، إن شاء الله بإيمانه وإخلاصه وصدقه يجعل الله عزَّ وجلَّ الخير والنصر واستعادة الحقوق على يديه ويُوفِّقَ كلَّ العرب أن يرجعوا عن أخطائهم التي فعلوها، خرجوا عن قانون الجامعة العربية والقومية والعروبة وعن قانون القرآن، الله قال:

وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ۖ وَاصْبِرُوا ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (46)
[سورة الأنفال]

أسمع في بعض الإذاعات عن ليبيا أن أمريكا تُهدّدها أنها تريد صنع مصنعٍ للسلاح الكيماوي وتُهددها بالهجوم والتهديم والتخريب، أليس كذلك؟ إسرائيل هي تُعلِن أن لديها مئات القنابل النووية ومصنعاً لإنتاج القنابل الذرية، هل سمعنا أمريكا أنها احتجت أو هددت أن تخرِّب مصنع ديمونة؟ أم هي التي تمدُّ إسرائيل بالمال والمصانع والعلماء وكلّ الخبرات التكنولوجية بصناعة كلِّ الأسلحة الكيماوية والنووية والتدميرية الدمار الشامل، والنبي صلَّى الله عليه وسلَّم يقول لنا عودوا إلى إسلامكم، فإنه لا نجاح لكم ولا نصرَ إلا بالإسلام.

الاستفادة من الإعلام:
وأنا أعرف أسلوباً لو سلكته الحكومات العربية ولو أي دولةٍ مِنَ الدول وهو الإعلام، قناةٌ فضائيةٌ تُعرِّفُ بالإسلام باللغات العالمية الحية الإنكليزية والفرنسية والألمانية ماذا تُكلِّفنا هذه؟ إذا تحقق الإعلام بهذا الشكل ويُؤتى بأحسن الدعاة والعلماء الذين يُحسنون التعريف بالإسلام، والله بسنةٍ واحدةٍ لتتغيَّر الدنيا وتتغيَّر كلُّ المواقف، بعض إخوانكم في أمريكا محاضراتي التي تُرجِمَت إلى اللغة الإنكليزية وطُبِعَت في كتاب سجَّل بعض المحاضرات على الإنترنت، الإنترنت نوعٌ مِنَ الإذاعة لا يوجد وقت للتفصيل، قال لي: في هاتفي ليل نهار يريدون أن يعرفوا مَنْ هو مفتي سوريا صاحب هذه المحاضرات، حتَّى بعضهم أتى مِنْ أمريكا ليلتقي بصاحب هذه المحاضرات المفتي العام، فيا تُرى لو نحن استعملنا الإعلام للتعريف بالإسلام أليس هذا فخرنا وتاريخنا ومجدنا؟ العرب إذا افتخروا بماذا يفتخرون؟ بالشيوعية أم الاشتراكية أم القومية أم العروبة؟ نفتخر بالعروبة لكن هل تُفيدنا شيئاً، لماذا لا نفتخر بإسلامنا؟ لكن عملياً نقوم فنقول لهم ما هو الإسلام، ونرسل الدعاة والمبشرين، يُرسلون مبشرين بالآلاف، عندما كنت في اليابان فيما علِمت المبشرون أدخلوا مِنَ اليابانيين في الكنيسة سبعة ملايين، ما ميزانية هؤلاء المبشِّرين الذين أرسلوا إلى اليابان حتَّى فعلوا هذه النتائج؟

دعم الدعاة والدعوة:
هل المسلمون أغنياء ودول وحكومات تُقدِّم هذا الواجب وتعمل على استعماله أولاً استجابةً لإسلامنا وقرآننا:

وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (104)
[سورة آل عمران]

وثانياً ندرُس الموضوع عِلمياً وعقلياً ومنطقياً، يا ترى هل هذا العمل يُثمِرُ ويُعطينا ما نريد أم فوق ما نريد؟ لماذا نخاف مِنَ الإسلام ولماذا لا نقوم بواجبنا نحو أنفسنا من الإسلام؟ إن شاء الله هذا الشيء سيتحقق، قولوا آمين، جَعَله الله أولاً في صحيفة رئيسنا، ولا أريد أن أقول والله ولو حلفت يميناً لا أحنُث، أنا أعرف إخلاصه للإسلام وحِرقته عليه وأسأل الله عزَّ وجلَّ أن يُوفِّقَنا جميعاً لنقوم بالواجب الإسلامي كما هو واجبنا الساعة وفي كلِّ البلاد العربية، وصلَّى الله على سيِّدنا مُحمَّدٍ وآلِه وصحبِه، والحمد لله رب العالمين.

الهوامش:
(1) مسند أبي يعلى، رقم: (2790)، (5/176).
(2) مسند أحمد, رقم: (2718), (3/214).
(3) حلية الأولياء لأبي نعيم، (8/35)، ولفظ الحلية: ((مَنِ اسْتَوَى يَوْمَاهُ فَهُوَ مَغْبُونٌ وَمَنْ كَانَ غَدُهُ شَرًّا مِنْ يَوْمِهِ فَهُوَ مَلْعُونٌ وَمَنْ لَمْ يَتَعَاهَدِ النُّقْصَانَ مِنْ نَفْسِهِ فَهُوَ فِي نُقْصَانٍ وَمَنْ كَانَ فِي نُقْصَانٍ فَالْمَوْتُ خَيْرٌ لَهُ)).
(4) اعتلال القلوب للخرائطي، رقم: (32)، (1/26)، الزهد الكبير للبيهقي، رقم: (343)، (ص: 156)، الفردوس للديلمي، عن أبي مالك الأشعري، رقم: (5248)، (3/408).
(5) صحيح البخاريُّ في كتاب الإيمان، باب من الإيمان أنْ يُحبَّ لأخيه ما يحبُّ لنفسه، رقم: (13). ومسلم في الإيمان، باب الدَّليل على أنَّ من خصال الإيمان أنْ يُحِبَّ لأخيه..، رقم: (45).
(6) شرح مشكل الآثار، رقم: (2473)، (6/270)، حلية الأولياء، لأبي نعيم، (6/123).
(7) ضعيف الجامع للألباني.
(8) المعجم الكبير، للطبراني، (1/315).
(ix) مسند البزار, رقم: (2705), (7/150).
(x) صحيح البخاري، كتاب الجهاد والسير: باب قتال اليهود، رقم: (2926)، صحيح مسلم، كتاب الفتن وأشراط الساعة: باب لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجل، رقم: (29).
(xi) المعجم الأوسط للطبراني، رقم: (2537)، (3/ 76).
(xii) مسند الديلمي (1/117)، رقم: (396)، واللفظ: «الإسلام والسلطان أخوان توأمان لا يصلح واحد منهما إلا بصاحبه فالإسلام أس والسلطان حارس وما لا أس له يهدم وما لا حارس له ضائع».